زعم المبعوث الأمريكي الخاص وسفيرها إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، أن الهدف الرئيسي لبلاده حاليا يتمثل في مساعدة الليبيين على إجراء انتخابات نزيهة تحظى نتائجها بقبول مجتمعي واسع، إلى جانب المساعدة في جهود خروج القوات الأجنبية كافة من ليبيا، الروسية والتركية على حد سواء، مستبعدًا تكليف حكومة جديدة بدلاً من حكومة الوحدة المؤقتة.
وأوضح نورلاند، في حواره مع صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، طالعته “أوج”، أن السياسيين الليبيين يعون أن إجراء الانتخابات هو السبيل الوحيد لتأمين الشرعية ودفع البلاد إلى الأمام، مشددًا على ثقته بأنه سيكون هناك تشريع قانوني قريباً لتنظيم الانتخابات بشقيها الرئاسي والبرلماني، لتتمكن من خلاله المفوضية العليا للانتخابات من الإعلان رسمياً عن انطلاق العملية الانتخابية.
وأشار إلى اللقاء الذي جمع مستشار وزارة الخارجية الأمريكية، ديريك شوليت، مع رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عماد السائح، منتصف الشهر الحالي، قائلًا: “كنت حاضراً اللقاء، وكان الانطباع الرئيسي لدينا هو الشعور بالثقة في أن المفوضية استكملت جميع الترتيبات الفنية المطلوبة لدعم إجراء انتخابات ناجحة، ولم يعد يتبقى إلا وجود التشريع القانوني، ونتوقع من القادة الليبيين أن يكونوا بصدد تحقيق هذا الأمر قريباً”.
وأكمل: “أعتقد أن جميع الفاعلين والمسؤولين في الساحة السياسية الليبية باتوا مدركين أن الانتخابات يجب أن تجرى في الموعد المحدد لها، وأنه لا يوجد مجال للعودة إلى الوراء، وأتوقع أن يبذل المجتمع الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة، أقصى جهد ممكن لدعم إجراء انتخابات نزيهة تحظى نتائجها بقبول وتأييد واسع بين صفوف الليبيين”.
وفيما يتعلق بالطرح الأمريكي لإجراء الانتخابات على مرحلتين، رأى أن الليبيين وحدهم هم من يملكون تقرير مستقبلهم السياسي وكيفية الوصول إليه، سواء كانت جولة واحدة أو اثنتين، على حد قوله.
وأضاف أن أمريكا حاولت في إطار دعمها للعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة تسليط الضوء على بعض الاقتراحات والحلول الوسط التي اعتبرت مفيدة من بين جملة رؤى وأفكار طرحتها مختلف الأطراف الليبية.
ونفى أن يكون لبلاده مرشح في الانتخابات الرئاسية ستتجه لدعمه، قائلًا: “ليس لبلادي مرشح مفضل، ومن حق الشعب الليبي بمفرده اختيار من يقوده بالمستقبل بعيداً عن أي تدخلات خارجية”.
وحول موقف بلاده من سحب الثقة من الحكومة، أكد نورلاند أن ليبيا لديها حكومة مؤقتة واحدة، وتتمثل مهمتها الأساسية في تمهيد الطريق لانتخابات 24 الكانون/ديسمبر، وتصويت مجلس النواب لم يغير ذلك، مردفًا بقوله: “لقد اجتمعت منتصف هذا الشهر مع رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، وأعتقد أنه ملتزم تنفيذ واجبات حكومته”.
وردًا على تساؤل حول تصريحات تركيا المتكررة برفض خروج قواتها من ليبيا، قال نورلاند إن رحيل المقاتلين والمرتزقة والقوات الأجنبية هدف يتقاسمه معظم الليبيين، وهو بند متضمن بالاتفاقيات والمؤتمرات الدولية التي عقدت حول ليبيا وأيضاً في القرارات الدولية، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن رقم 2570.
ورأى أن الطريقة والكيفية الواجب اتباعها لتحقيق هذا الهدف تظل مهمة رئيسية بمقدمة أولويات عمل السلطة الليبية، والولايات المتحدة ستواصل العمل مع الشركاء الليبيين والدوليين من أجل تحقيق هذه الأهداف، قائلا: “ليبيا تستحق استعادة سيادتها”.
ورأى أن هناك أسباباً عدة لتواجد القوات العسكرية الأجنبية في ليبيا، التركية والروسية على حد سواء، وزاد الوضع مع تدفق آلاف المقاتلين والمرتزقة الأجانب من الجانبين، مضيفًا أن هدف الولايات المتحدة، كما كرره وزير الخارجية أنتوني بلينكن، في تصريحاته في نيويورك الأسبوع الماضي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، هو تأمين الرحيل الكامل لجميع هذه العناصر العسكرية في أقرب وقت ممكن حتى تتمكن ليبيا ذات السيادة من اتخاذ قراراتها الخاصة فيما يتعلق بعقد أي تحالف أمني أو عسكري.
وأعرب عن تطلعه للحفاظ على التنسيق القائم بين بلاده والسلطات الليبية في مجال مكافحة الإرهاب وأن يستمر هذا التعاون عبر حكومة ليبية دائمة وموحدة بعد انتخابات الكانون/ديسمبر، مشددًا على أهمية تشكيل حكومة ليبية قوية وقادرة على فرض السيطرة الكاملة على حدودها وتتكفل بتوفير النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي المطلوب لمنع الأنشطة الإرهابية والمتطرفة من التجذر.
وأتم بقوله: “أعتقد أن معظم الليبيين يبحثون عن حياة طبيعية من دون حرب أهلية أو اضطرابات سياسية أو انقطاع للكهرباء ومن دون الاصطفاف بطوابير طويلة في البنوك أو محطات الوقود ومن دون ارتفاع بمعدلات الإصابة بفيروس كورونا، تلك هي المعركة الحقيقية التي ستدور حولها الانتخابات المرتقبة التي ستدعمها الولايات المتحدة، والجهود التي تبذل في اليوم التالي للانتخابات لتقديم هذه الخدمات الحيوية”.
وينتظر الليبيون إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 الكانون/ديسمبر المقبل، حسبما حدد أعضاء ملتقى الحوار السياسي بعد جولات واجتماعات مباشرة وافتراضية على مدار شهور خلال الفترة الماضية، برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
واختار أعضاء الملتقى السياسي سلطة تنفيذية جديدة تمهد لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد نهاية العام الجاري؛ حيث فاز محمد المنفى بمنصب رئيس المجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة بمنصب رئيس الوزراء بالسلطة التنفيذية الليبية، إضافة إلى موسى الكوني وعبد الله اللافي كعضوين بالمجلس الرئاسي، بعد فوز قائمهم في تصويت أعضاء الملتقى السياسي.
وسوم: الانتخابات الليبيةالسفير الأمريكيتركيا وروسياتشريع قانونيتكليف حكومة جديدةخروج المرتزقة