أوج – القاهرة
رأى الكاتب والمخرج الليبي خليفة أبو خريص، أن الأزمة التي أحدثتها تصريحات وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة نجلاء المنقوش، بشأن الوجود التركي في ليبيا، جاءت كاشفة للانقسام الحاصل في بنية الحياة السياسية الليبية، ما يدفع للتساؤل حول ضمانات إجراء الانتخابات المقررة نهاية العام في ظل هذه الأجواء.
وأشار، في مقال له بصحيفة “internazionale” الإيطالية، طالعته وترجمته “أوج”، إلى أن تعيين المنقوش، أثار الجدل بدايةً، حيث تصدرت الأخبار عناوين الصحف: إنها أول امرأة تشغل هذا المنصب في ليبيا والرابعة في بلد عربي.
وأردف، بأنها عادت إلى دائرة الضوء، بعد أسابيع قليلة، هذه المرة كضحية لحملة كراهية ضخمة، بحسب تعبيره، بلغت ذروتها عندما اقتحم مجموعة من رجال الميليشيات من غرب ليبيا فندق كورنثيا في طرابلس، حيث المقر المؤقت للمجلس الرئاسي، ورفعت شعارات تطالب بإقالة الوزيرة.
ونوه بأن الحملة ضد المنقوش تفاقمت بعد تصريحاتها خلال زيارة لإيطاليا أواخر الطير/أبريل، حيث طلبت من جميع الجنود والمرتزقة الأجانب مغادرة ليبيا، بما في ذلك تركيا.
وتابع بأن أنصار خليفة حفتر، تلقفوا التصريح وأعادوا إطلاقه من قبل وسائل الإعلام المقربة منه للتنديد بتواجد الجنود الأتراك في البلاد، مضيفا: “لكن، بالطبع، كل عمل في ليبيا له رد فعل مضاد وأقوى، وكما أثار إعلان المنقوش الفصيل المعارض”، موضحا أن رئيس المجلس الأعلى للإخوان المسلمين “الدولة الاستشاري” خالد المشري، انتقد كلام المنقوش، بحجة أن الحكومة المؤقتة لا يمكنها أن تقرر إلغاء أو تعديل “اتفاقية شرعية”.
وتطرق إلى ما كتبته المتحدثة باسم حزب “العدالة والبناء” الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، سميرة العزابي، عبر فيس بوك، قائلة: “إن دعوة وزيرة الخارجية لانسحاب القوات المسلحة التركية مفاجأة خاصة مع وجود مرتزقة روس في البلاد وأنباء عن إمدادات أسلحة جديدة لحفتر، ألا تفهم وزيرة الخارجية أن القوات التركية الموجودة في ليبيا تدخلت لدعم استقرار البلاد على أساس اتفاق رسمي؟”.
وأضاف أن الهجمات على المنقوش جاءت أيضًا من الخارج، من أشخاص مقربين من الأوساط الإسلامية، مشيرا إلى انتقادات وإهانات وجهها سياسي تونسي، كان مستشارًا للرئيس السابق منصف المرزوقي، إلى الوزيرة حيث شبهها بـ”سحلية وثعبان”، بحسب الكاتب.
ورصد ما تناوله مقطع فيديو، خصصه صابر مشهور، وهو بحسب الكاتب “أحد مستخدمي اليوتيوب المعروفين، وجزء من المعارضة الإسلامية المصرية النشطة في تركيا، وصنع فيه مزيجًا من نظريات المؤامرة التي لا أساس لها من الصحة، لقد اختلق قصة أن وكالة المخابرات المركزية قامت بغسل دماغ المنقوش لمدة تسع سنوات لإعدادها لتصبح وزيرة، بهدف وحيد هو إخراج تركيا من ليبيا”.
وأضاف: “حتى مفتي ليبيا، الصادق الغرياني، ذكّر في خطاب تلفزيوني بالدعم الذي قدمته تركيا وطلب إقالة الوزيرة”.
وأكد أن العديد من التصريحات والأحداث تشير إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تقف وراء الهجوم على المنقوش، مضيفا “ومع ذلك، وفقًا لآخرين، فإن الدافع وراءهم هو الانزعاج من امرأة تحتل دور السلطة”.
وبرأيه، فإن ليبيا التي لم تعرف حتى الآن سوى لعبة سياسية محصلتها صفر، فمن الطبيعي النظر إلى المنقوش، أو أي سياسي آخر، على أساس من يدعم أو يعارض، وإذا بدا أن الوزيرة تقف إلى جانب حفتر فذلك فقط لأنها تحدثت صراحة عن الجيش التركي، بينما عبرت بشكل عام عن وجود قوات ومرتزقة آخرين يقاتلون إلى جانب حفتر، من مجموعة فاجنر الروسية والمرتزقة التشاديين والسودانيين، معلقا بالقول “إنه موضوع حساس، لأن الجانبين يعتبران وجودهما ضمانة لتوازن القوى في الميدان”.
وتطرق إلى هجوم حفتر على طرابلس قبل عام وقصفها، مشيرا إلى أن تركيا عرضت التدخل بجانب حكومة الوفاق المنتهية ولايتها، بينما وقفت جميع القوى الدولية والإقليمية منتظرة ظهور فائز.
وقال إن حفتر تلقى دعما كبيرا من الإمارات وروسيا ومصر وفرنسا، وحتى عندما هُزم، أتيحت له فرصة للوقوف على قدميه مرة أخرى والحفاظ على دولة موازية، فضلاً عن السيطرة على مناطق واسعة من ليبيا، فيما تطالب تركيا اليوم بشريحة كبيرة من “الكعكة” الليبية وتسعى بقوة لحماية مصالحها.
وأضاف: “ولدت الحكومة المؤقتة من نفس الوصفة القديمة للكارثة، أي من اتفاق سياسي قائم على تقسيم البلاد بين ممثلين من ثلاث مناطق مختلفة في ليبيا، وفي الوقت الذي يبدو فيه أن حفتر يكتسب ميزة سياسية ويطالب العديد من حلفائه بأدوار مهمة داخل السلطات الجديدة، يمكن توقع أن يقوم الجانب الآخر بهجوم مضاد من خلال القول بأن الخصوم السابقين لا يمتثلون للاتفاقيات”.
واختتم بالقول: “كل هذا يقودنا إلى السؤال التالي: ما هي الضمانات الحقيقية لضمان سير الانتخابات المقبلة كما هو مخطط لها؟ ولماذا نعتقد أن الفصائل المختلفة ستلتزم هذه المرة بالخطط؟”.