أوج – لندن
كشفت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، كيف أصبحت ليبيا بعد 10 سنوات من أحداث 2011م، حيث انتشرت قوارب الموت في البحر المتوسط، وظهرت معسكرات الرقيق وبيوت الدعارة القسرية على الأرض.
ونقلت الصحيفة، في تقرير لها، طالعته وترجمته “أوج”، عن مراقبين تأكيدهم على الانهيار الأمني في منطقة الساحل الغربي الذي أودى بحياة الآلاف وشرد الملايين وأغرق فرنسا فيما يعتبره البعض حربها “الأبدية”.
ووفقا للتقرير، قال رئيس مكتب مالي لمبادرة المجتمع المفتوح لغرب إفريقيا، ماتياس هونكبي، إن ليبيا أصبحت نقطة ضعف لجميع البلدان المجاورة بما في ذلك مالي والنيجر وتشاد، موضحا أن كل هذه البلدان تواجه مشاكل لعدم استقرار ليبيا.
وأفاد التقرير بأن العنف والفوضى عصف بالبلاد منذ عام 2014م، حيث قُسمت الكتائب المتناحرة البلاد إلى إقطاعيات، بينما استغلت الجماعات المسلحة والعصابات الإجرامية ومهربو البشر ضعف الدولة.
وذكر أنه في الربيع/مارس الماضي، أدت حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة اليمين في إطار عملية تدعمها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع المستمر منذ عامين والذي استقطب قوى إقليمية ومرتزقة أجانب من تشاد وروسيا وسوريا والسودان، ومن المفترض أن تقود الإدارة الجديدة البلاد إلى انتخابات في الكانون/ديسمبر المقبل.
وكشفت الصحيفة معاناة المهاجرين في ليبيا بعرض قصص حية، ففي عام 2017م، تلقت فتاة نيجيرية تدعى بريشس اتصالاً من سيدة تقيم بنفس الحي الذي تعيش فيه، وعرضت عليها فرصة السفر، واعتقدت الفتاة أنها أمام فرصة عمل خارج نيجيريا، وأن عملها الجديد سيكون في إيطاليا، حيث يمكنها العمل كخياطة وإرسال الأموال إلى عائلتها.
ورأت الفتاة النيجيرية من قبل أشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي يعيشون على ما يبدو حياة راقية في أوروبا وشاهدت ما فعلته الأموال التي أرسلوها إلى عائلاتهم، وأكدت لها المرأة أن الرحلة ستكون سهلة، وبعد ذلك يمكنها مساعدة أسرتها.
وقالت بريشس، صاحبة الـ22 عامًا، للصحيفة البريطانية، من مدينة بنين، رابع أكبر مدن نيجيريا ومركز رئيسي للاتجار بالبشر والهجرة إلى أوروبا: “لقد خدعتني وعانيت أشد المعاناة، لم تكن الرحلة سهلة على الإطلاق، تم نقلي من وسيط إلى وسيط في نيجيريا، ثم في النيجر، وأمرني تجار البشر بالجلوس في مؤخرة شاحنة مكدسة تحمل 25 شخصا وظللت في السيارة لمدة 3 أيام في الصحراء الكبرى”.
وأضافت بريشس، التي تمكنت من الفرار في عام 2019م وعادت إلى وطنها على متن طائرة تابعة للأمم المتحدة: “تعرضت للضرب والتجويع، ومات آخرون من رفاقي في الرحلة ولكن بدأت المعاناة الحقيقية عندما وصلت الشاحنة إلى الحدود مع ليبيا”.
وأوضحت أنه تم احتجازها لأكثر من عام، في بيت سري لمماسة الدعارة القسرية مع عشرات النساء الأخريات من جميع أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء، حيث لم يُسمح لها بالخروج وتعرضت لسوء المعاملة والتجويع، قائلة إن “ليبيا مكان سيئ، لا توجد قوانين هناك، ويقولون إنه منذ وفاة القذافي تغير كل شيء”.
ورصدت الصحيفة، آلاف القصص الوحشية والانتهاكات بين مئات الآلاف من الأشخاص الذين مروا عبر ليبيا في العقد الماضي، مبينة أن ليبيا أصبحت مركزا تجاريا للمهاجرين المتجهين شمالًا، لكن بعد 2011م، أصبحت أهم قناة للأفارقة الذين يسعون للوصول إلى أوروبا.
وأفادت بأن أكثر من 700 ألف مهاجر تقطعت بهم السبل حاليا في ليبيا، وفقًا للجنة الإنقاذ الدولية، التي تصف الرحلة التي سلكتها الفتاة النيجيرية بريشس ومثيلاتها بأنها “أخطر طريق هجرة في العالم”.
وكانت المنظمة الدولية للهجرة أكدت أن ليبيا ليست ميناءً آمنًا، مُناشدة الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي، اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء عودة الأشخاص الضعفاء إلى ليبيا، مبينة أنه بين عامي 2014م و2017م، وصل إيطاليا حوالي 70-90 ألف شخص عن طريق البحر، وغرق الكثير من الناس أو عادوا إلى ليبيا.
وطالب المتحدث باسمها فلافيو دي جياكومو، الاتحاد الأوروبي بتفعيل نظام دوريات فعال وهبوط آمن ووضوح في عمليات النقل الداخلية، وقبل كل شيء تعزيز وجود السفن الأوروبية لتقليل عدد الذين يتم إعادتهم إلى “الجحيم الليبي”، مضيفا “بصفتنا المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نحن في ليبيا ونحاول تخفيف المعاناة، لكن ليس لدينا إمكانية لضمان حقوق الإنسان”.