صنداي تايمز: شبكة ليبية لتجارة المخدرات عاونت العبيدي في حادث تفجير مانشستر أرينا

أوج – لندن
كشف تقرير بريطاني عن ارتباط شبكة ليبية تعمل بتجارة المخدرات في شمال غرب إنجلترا، بحادث تفجير حفل مانشستر أرينا الذي وقع في الماء/مايو 2017م، الذي قام خلاله الانتحاري الليبي سلمان العبيدي بتفجير نفسه، ما أسفرت عن مقتل 22 شخصًا.
وبحسب تقرير مطول لصحيفة “صنداي تايمز” البريطانية، طالعته وترجمته “أوج”، تلقى أعضاء الشبكة مكالمات عديدة من العبيدي قبل أيام من التفجير، وتم ضبطهم على كاميرا مراقبة أثناء فحص سيارة مليئة بالمتفجرات، مشيرًا إلى أن أحدهم تم تصويره في شريط فيديو وهو يمسح السيارة في اليوم التالي للتفجير.
وذكرت الصحيفة أن سبعة تجار مخدرات على الأقل يخضعون حاليًا للتحقيق من قبل الشرطة فيما يتعلق بالتفجير، مضيفة أن أحد المشتبه بهم سُمح له بالسفر من بريطانيا إلى ليبيا بعد وقت قصير من التفجير، على الرغم من التحقيق معه.
وبحسب التقرير، رفض ثلاثة من المشتبه بهم المثول كشهود في التحقيق العام الجاري في الهجوم خوفًا من أن يجرموا أنفسهم، لافتا إلى أن أحد هؤلاء مرتبط بالشبكة الليبية، وأن العديد من أعضائها هم من أبناء المتمردين الذين فروا من ليبيا في التسعينيات، وانضموا إلى تنظيم داعش خلال الحرب في سوريا.
ولفت إلى أن العبيدي نفسه انضم إلى الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة وقاتل إلى جانب والده ضد القائد الشهيد معمر القذافي، إبان نكبة فبراير، فيما يسمى بـ”الربيع العربي” قبل العودة إلى بريطانيا.
وأشار التقرير إلى وجود مخاوف من أن شبكة أوسع وراء الهجوم تتهرب من العدالة، بعد توجيه اتهام لشخص واحد فقط هو شقيق سلمان الأصغر هاشم عبيدي، بارتكاب الفظائع حتى الآن، منوها بالحكم على هاشم العام الماضي بالسجن 55 عاما كحد أدنى في أولد بيلي.
وقال متحدث باسم دائرة الادعاء الملكية: “لقد عمل محامونا عن كثب مع فريق التحقيق منذ الهجوم المروع في مانشستر أرينا، لتقديم المشورة بشأن جميع المشتبه بهم الموقوفين واتخاذ قرار توجيه الاتهام إلى هاشم عبيدي، ونواصل العمل عن كثب مع فريق التحقيق، وعلى استعداد لاتخاذ قرارات الاتهام ضد أي مشتبه بهم إذا طلبت شرطة مانشستر الكبرى ذلك”.
وأضاف أن فريق التحقيق يحرص على تحديد والتحدث إلى أي شخص قد يكون على اتصال بسلمان عبيدي وهاشم عبيدي، ومتابعة أي خطوط تحقيق معقولة متبقية أو جديدة لتحديد ما إذا كان أي شخص آخر قد ساعدهم.
وأشار التقرير إلى أن الشرطة اشتبهت في أن شبكة مقرها في ديفيل هاوس، وهو مبنى سكني في روشولمي، جنوب مانشستر، كانت تخطط لوجود سيارة تستخدم لتخزين المواد المتفجرة للقنبلة لأكثر من شهر قبل تفجير الساحة، مضيفا أن أعضاء الشبكة شوهد بعد الهجوم وهو يفرك أحد أبواب السيارة فيما يُعتقد أنه محاولة محتملة لإزالة أدلة الطب الشرعي.
وذكر أن آخرين تم القبض عليهم على شاشات الدوائر التلفزيونية المغلقة مرارًا وتكرارًا وهم يفحصون السيارة بعد تلقي مكالمات هاتفية تم تعقبها إلى ليبيا، بينما كانت الهواتف المحمولة للآخرين موضوعة في خلية بالقرب من شقة حيث بنى سلمان قنبلته.
ولفت إلى أنه لم يتم توجيه أي تهم إلى أي من أعضاء مجموعة ديفيل هاوس بارتكاب أي جرائم تتعلق بالإرهاب، فيما أخبرت الشرطة لجنة التحقيق الأسبوع الماضي أن التحقيق مع هؤلاء الأعضاء في الشبكة لا يزال قائما، في حين تم تكليف فريق عمل منفصل بالتحقيق في سيطرة العصابات الليبية على تجارة المخدرات في مانشستر.
ونقل عن أحد المصادر البارزة في مكافحة الإرهاب في شمال غرب إنجلترا قوله: “كان هناك قدر كبير من الأدلة المتعلقة بسلوك مشبوه حول مجموعة معينة من المجرمين في الفترة التي تسبق التفجير الإرهابي”، منوها بأنه لم يتم توجيه اتهامات لهؤلاء الأفراد، لكن التحقيقات مع هؤلاء الأعضاء وعلاقاتهم بالهجوم لا تزال نشطة للغاية.
وتطرق إلى تحقيق الشرطة بشأن تفجير مانشستر أرينا، موضحا أن سلمان وهاشم عبيدي حصلا على المواد الكيميائية لبناء القنبلة بين آي النار/يناير، والطير/أبريل 2017م، مضيفا أنهما عاشا في فالوفيلد، جنوب مانشستر، وهي جزء من منطقة أُطلق عليها اسم “طرابلس الصغيرة” بسبب سكانها الليبيين، بحسب التقرير.
وأوضح أنهما استخدما الحسابات المصرفية لشركائهما لشراء حمض الهيدروكلوريك وبيروكسيد الهيدروجين الذي يحتاجان إليه لصنع القنبلة جنبا إلى جنب مع الأسيتون، الذي يشيع استخدامه كمذيب للطلاء، حيث قاما بتصنيع ثلاثي أسيتون ثلاثي أكسيد، أو TATP، وهو مادة متفجرة غير مستقرة حساسة للانفجار عن طريق الاحتكاك أو الصدمة أو الحرارة أو الشرارة.
وأضاف أن هاشم قام بشراء لتر واحد من حامض الكبريتيك، بتكلفة 30.21 جنيهًا إسترلينيًا، عبر حساب أمازون لابن عمه الحارث فورجاني البالغ من العمر 22 عامًا، والذي أخبر الشرطة أن هاشم خدعه بقوله إنه كان من أجل بطارية سيارة.
ووفقًا للتقرير، تم شراء خمسة لترات من حامض الكبريتيك بعد أسبوعين من قبل قريب أصغر لم يذكر اسمه بسبب القيود القانونية، منوها بأن قريبه قال أيضا إن هاشم أخبره أنها لبطارية سيارة.
وأضاف أن محمد سليمان، 24 عامًا، الذي يعمل في متجر للوجبات السريعة مع هاشم، اشترى في الربيع/مارس 2017م، 10 لترات من حامض الكبريتيك بعد فترة وجيزة من إيداع الأموال في حسابه، وفي الشهر نفسه، قيل إن زهير نصرات، 22 عامًا، صديق آخر للأخوين عبيدي، حاول شراء 15 لترًا من بيروكسيد الهيدروجين، عبر أمازون وفشل بسبب عدم كفاية الأموال، منوها بأن نصرات هرب منذ ذلك الحين من بريطانيا إلى ليبيا.
وفي وقت لاحق من شهر الربيع/مارس، جرت محاولات ناجحة لشراء 55 لترًا من بيروكسيد الهيدروجين، لافتا إلى أن أحد الحسابات المصرفية المستخدمة يخص يحيى ورفلي، وهو طالب وصديق طفولة لعبيدي،25 عامًا، والذي ادعى أنه يعتقد أنه كان يشارك في عملية احتيال لكسب المال، وحُكم عليه لاحقًا بتهمة الاحتيال، بحسب التقرير.
وأشار إلى أن المحققين ربطوا بين هاشم وأحد عناوين البريد الإلكتروني المستخدمة لشراء بيروكسيد الهيدروجين، وتضمن عنوان Gmail كلمات عربية، تُرجمت في الإنجليزية إلى “لقد جئنا للذبح”.
وذكرت أن المواد الكيميائية تم تسليمها على بعد ميل من الإرهابيين إلى عنوان في شارع ليندوم، روشولمي، ولكن تم تصنيع القنبلة في شقة بشمال مانشستر.
وأوضح أنه قبل أربعة أسابيع من القصف، استخدم الأخوان عبيدي سيارة نيسان ميكرا بيضاء قديمة لنقل مجموعة من تراي تيه تي بي من سوميرتون كورت إلى مجمع ديفيل هاوس السكني في روشولمي، واحتوت السيارة أيضًا على قصاصات من الصفيح لتشكيل المعادن، وبراميل بلاستيكية زرقاء، ووعاء بلاستيكي أسود، وحزم من البراغي والمسامير، ومنشارا، ومطرقة وزردية.
ولفت إلى أن الشرطة عثرت على الحمض النووي الخاص بوالد سلمان رمضان في أجزاء مختلفة من داخل السيارة، ومع ذلك، نفى رمضان سابقًا تورطه هو أو أي فرد من أفراد أسرته، قائلاً في عام 2017م: “لا نؤمن بقتل الأبرياء”.
وأضاف أنه تم العثور على الحمض النووي الخاص بإسماعيل عبيدي، الأخ الأكبر لسلمان، على مطرقة في صندوق السيارة، فيما نفى إسماعيل أي تورط له في المؤامرة ويعيش حاليا في منزل جديد مع زوجته وطفله، بحسب التقرير.
ولفت إلى أن السيارة نيسان ميكرا كانت متوقفة في موقف سيارات ديفيل بين 15 الطير/أبريل و18 الماء/مايو، عندما سافر سلمان وهاشم إلى ليبيا مع والديهما، فيما حصلت دائرة الادعاء الملكية على أدلة من الدوائر التلفزيونية المغلقة تظهر أعضاء شبكة ليبية يفحصون السيارة بشكل متكرر، وأن الشرطة كانت لديها شكوك على الرغم من الاعتقاد أن هناك مخدرات في السيارة.
وذكر أن المحققين تعرفوا على عصابة مخدرات تعرف باسم مجموعة ديفيل هاوس كان من بين أعضائها إلياس المهدي وأحمد الزيليطني، وأن بعض أعضاء الشبكة زاروا المجند الإرهابي المدان عبد الرؤوف عبد الله أثناء احتجازه في سجن بلمارش وسجن ألتكورس.
وأشار إلى أنه ألقي القبض على المهدي وتمت مقابلته خمس مرات واعترف بالسماح لسلمان بإيقاف السيارة في ديفيل هاوس كـ “خدمة”، مضيفا أن المهدي أرسل في 7 الماء/مايو، سلسلة من الرسائل النصية إلى الزيليطني تم حذفها بعد إرسالها، فيما تم رصد الزيليطني على كاميرا مراقبة وهو يتفقد مقبض باب نيسان ميكرا.
وبحسب التقرير تلقى المهدي مكالمة هاتفية من سلمان قبل عودته إلى المملكة المتحدة في 18 الماء/مايو، استمرت حوالي ست دقائق، وبعد تلك المكالمة، اتصل المهدي بالزيليطني، ثم شوهد أحد مساعديه يتفقد السيارة ، كما شوهد الزيليطني في وقت لاحق بجوار السيارة في اليوم السابق للقصف وقضى بعض الوقت يتجول حولها، ثم شوهد المهدي وهو يحدق في نافذة الركاب في السيارة، ثم فر إلى ليبيا قبل أن يتم استجوابه مرة أخرى.
وأضاف أنه بعد ثلاثة أيام من التفجير، شوهد الزيليطني مرة أخرى وهو يمسح إطار الباب.
وبالنسبة لسلمان العبيدي، ذكر أنه قبل خمسة أيام من الهجوم، عاد إلى المملكة المتحدة من ليبيا وغادر المطار متوجهاً إلى ديفيل هاوس وتم ضبطه على كاميرا مراقبة خارج السيارة، وهو يفتح صندوق الأمتعة، ويفحص المواد المتفجرة بداخله ويغلقه.
وأضاف أن سلمان رتب الوصول إلى عقار جديد مستأجر في منطقة غرانبي هاوس العنوان الرابع والأخير المستخدم في المؤامرة وحيث قام بتصنيع القنبلة، ثم عاد لاحقًا إلىالسيارة بحقيبة وحمل العناصر، بما في ذلك TATP.
وأوضح أن الشرطة تمكنت من تتبع تحركات شبكة ديفيل هاوس باستخدام بيانات موقع الهاتف المحمول، حيث تم العثور على ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص على صلة بـديفيل هاوس في منطقة غرانبي هاوس ، حيث كان سلمان يبني قنبلته، لافتا إلى أن أحد هؤلاء كان الزيليطني، بينما تم تعقب الهاتف المحمول للرجل الثاني، وهو أحمد تغدي، على مسافة 500 متر من غرانبي هاوس في اليوم السابق للهجوم.
وبين أن تغدي، الذي تلقى تدريبات عسكرية في ليبيا، ساعد سلمان أيضًا على شراء السيارة.
ووفقا للتقرير، فالأجهزة الأمنية لديها أدلة على أن تغدي وسلمان، زارا عبد الله سابقًا في السجن، بينما أظهر تحليل الهاتف المحمول أن تغدي كان على اتصال بالأخوين العبيدي أثناء وجودهما في ليبيا قبل التفجير.
وبين أن الشرطة عثرت على هواتف وجهاز كمبيوتر محمول متصل بتغدي يحتوي على مواد كثيرة متعلقة بداعش، ومع ذلك، لم يُتهم تغدي قط بارتكاب جرائم إرهابية ونفى كل علم بمؤامرة التفجير، بحسب التقرير.
ولفت إلى وجود شخص ثالث كان بالقرب من منزل غرانبي هو إلياس بليدي، الذي تم تحديد هاتفه المحمول بالقرب من الشقق قبل ثلاثة أيام من الهجوم، مشيرا إلى أنه تم توجيه الاتهام إلى بليدي واستجوبته شرطة مكافحة الإرهاب أربع مرات، ونفى كل علم له بالمؤامرة.
وذكر أنه تم استدعاء إسماعيل عبيدي وعبد الله وتغدي، في وقت لاحق من هذا العام للإدلاء بأدلة أمام التحقيق العام في التفجير، لافتا إلى أن الثلاثة رفضوا المساعدة في التحقيق، ومنوها بأن الفريق القانوني للتحقيق يبحث عن خيارات لإجبار الثلاثة على تقديم أدلة أو المخاطرة بالغرامات أو السجن.
ونقل التقرير، عن رئيس المباحث سيمون باراكلوف، قوله إن مشاركة تغدي في تحقيقه كانت “مهمة” و”ذات صلة”، وقال إنه سيكون موضوع مراجعات دورية للشرطة، مضيفا أن المحققين يسعون لاستجواب خمسة أشخاص على صلة بالتفجير بينهم والدا سلمان والمهدي.
وقال باراكلاو: “التحقيق مستمر لمعرفة ما إذا كان أي شخص آخر متورطًا في هجوم أرينا”، ولن يكون من المناسب التعليق على أي تحقيقات أخرى قد تُجرى أو لا تُجرى.