أوج – طرابلس
توقع الصحفي والكاتب التركي المقرب من النظام الحاكم في تركيا حمزة تكين، المزيد من التوتر بين الناتو وروسيا فيما يتعلق بملف ليبيا والتواجد العسكري الروسي بها، مشيرًا إلى أن زيارة الوفد التركي رفيع المستوى لليبيا تحمل العديد من الرسائل للأطراف الدولية والإقليمية.
وذكر في مداخلة لـ”تغطية خاصة” عبر فضائية “التناصح”، تابعتها “أوج”: “صحيح أن هذه الزيارة مفاجئة وبهذا الحجم الكبير، ولكن هي تأتي في إطار الزيارات رفيعة المستوى بين طرابلس وأنقرة تأكيداً على قوة العلاقة بين الطرفين”.
وتابع: “أن تكون الزيارة مفاجئة هنا الرسالة الخاصة بها، بالطبع هذه الزيارة تأتي قبيل انعقاد قمة الناتو وما لهذه القمة من أهمية كبرى في منطقة شرق المتوسط وما يتعلق بليبيا، كما تأتي قبيل انعقاد مؤتمر برلين الخاص بليبيا”.
وشرح أنه من خلال هذه الزيارة رفيعة المستوى بهذا الحجم لطرابلس، تركيا ترسل الرسائل بكل اتجاه، منها لحلف الناتو والقمة التي ستعقد بأن تركيا لن تتراجع ولا يوجد لديها نية للتراجع عن مواقفها تجاه ليبيا، مضيفاً: “وترسل رسائل أخرى فرعية لأطراف محددة في الناتو على رأسهم الجانبين الأمريكي والفرنسي”.
ولفت إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيلتقي بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأمريكي جو بايدن على هامش قمة الناتو، وأنه بطبيعة الحال ملف ليبيا سيكون على طاولة البحث في هذين الاجتماعين.
واسترسل: “تركيا ترسل الرسالة لبايدن ولماكرون أننا لن نتراجع مهما كانت نتائج اجتماعات أردوغان مع بايدن من جهة ومع ماكرون من جهة، وبالتالي الرسالة قوية ليست رسالة عادية على الإطلاق، الوضع حساس في ظل مطالب ومطالبات الغرب وبعض الجهات الداخلية في ليبيا بإنهاء الاتفاقيات مع تركيا”.
وواصل: “وهذه الرسالة تأتي بشكل واضح كفلق الصبح، وقبول طرابلس استقبال هذا الوفد بهذا الحجم في هذا التوقيت أيضاً رسالة مشابهة للجانب التركي، رسالة تأكيد من الجانب الليبي على أن حرص طرابلس واضح على استمرار الاتفاقيات مع الجانب التركي وبالتالي هنا تكمن أهمية هذه الزيارة”.
وشدد على أن كل الدولة التركية وأهم الشخصيات بها كانت بهذا الوفد توضيحاً لأهمية الزيارة، وشخص واحد لم يكن بهذا الوفد هو أردوغان، قائلاً: “صحيح هناك زيارات متبادلة وكثيرة ولكن تلك مختلفة كثيراً عن الزيارات السابقة من أنقرة إلى طرابلس أو من طرابلس إلى أنقرة”.
وحول ما إذا كان من الممكن أن يبحث أردوغان في قمة الناتو مساعدة عسكرية أو أمنية لليبيا لتنظيفها من المرتزقة، أجاب: “هذا الأمر إذا كان سيُبحث فمن المفترض أن تناقش هذه النقطة بين المسؤولين الأتراك والليبيين بهذا الشأن”.
واستكمل: “ربما هذه الفكرة طرحت خلال النقاشات ولكن حتى الآن لا يوجد توجه جدي أو رسمي لا من طرابلس ولا من أنقرة لمثل هذه الفكرة فيما يتعلق بطلب هذه المساعدة من الناتو أو من بعض الدول فيه”.
وأضاف: “القوات العسكرية الليبية الخاصة التابعة للشرعية في ليبيا مدعومة بالجيش التركي، والحليف التركي قادر في نهاية المطاف على صد أي تهور جديد قد تقدم عليه بعض الجهات الداخلية في ليبيا بإيعاز من أطراف خارجية وبالتالي لا نعتقد أن ليبيا بحاجة إلى دعم من أي جهة أخرى من الناحية العسكرية والناحية الأمنية”.
واستطرد: “في خضم الأزمة الليبية وأن طرابلس كانت في خطر لم يقدم أحد أي مساعدة عسكرية لطرابلس وبالتالي لا أعتقد أنه حتى لو طرحت هذه الفكرة خلال النقاشات مع قادة الناتو لا أعتقد أنهم سيوافقون على هذا الأمر أو سيقدمون دعماً حقيقياً للجانب الليبي”.
وأشار إلى أن جل الدول الغربية كانت تريد أن تسقط طرابلس وإلى الآن تريد أن تعود ليبيا إلى ما كانت عليه من فوضى وأزمات أمنية وعسكرية_وفق قوله
وأردف: “إلى الآن يحلمون ويفكرون بتقسيم ليبيا مجدداً فالمشروع التخريبي لم ينتهي حتى الآن، مازالت هناك مقاومة سياسية كبيرة اليوم تخوضها الشرعية في ليبيا وصولاً إلى الانتخابات المقبلة نهاية العام الجاري، وطرابلس ليست بحاجة إلى قوات من حلف الناتو أو لدعم من هذه الدولة أو تلك في هذه الظروف”.
وعاود الحديث عن زيارة الوفد التركي لليبيا وأن الرسالة بها موجهة لكل الأطراف التي مازالت تفكر بإعادة ليبيا إلى الوراء وإلى زمن الحديد والنار_على حد تعبيره
واستفاض: “رسالة لمن يطالب في العلن والخفاء، فهناك كثير من المطالبات بعيدًا عن وسائل الإعلام بإنهاء الاتفاقية البحرية والأمنية بين طرابلس وأنقرة، وهناك ضغوط على مختلف الجهات لإنهاء هاتين الاتفاقيتين، ومطالب وغمز ولمز بضرورة سحب تركيا لقواتها العسكرية من ليبيا وبالتالي الرسالة هي لهذه الأطراف”.
وأكمل: “تركيا سائرة بنفس الخط الذي كانت عليه منذ أن وقعت الاتفاقيتان بين أنقرة وطرابلس وبالتالي كل هذه المشاركة الأمنية بالتحديد والعسكرية بالزيارة ترسل هذه الإشارة، وأظن أن الأطراف فهمتها وخاصة أطراف حلف الناتو التي هي الأساس بنهاية المطاف”.
وأسهب: “بعض الأطراف الإقليمية هي تنفذ أو تمول عمليات وخطط يرسمها الغرب خاصة فيما يتعلق بالشأن اليبي وبالتالي إذا استطاعت تركيا أن تضغط هناك فالطرف الأخر في الإقليم سينصاع لقرارات الغرب لأنهم تابعون وليسوا أصحاب قرار في الإقليم والمنطقة خاصة الجهات العربية غير الحدودية مع ليبيا التي ما زالت اليوم تحاول زعزعة الاستقرار”.
وقال: “ربما هناك تواصل إيجابي بين أنقرة والقاهرة فيما يتعلق بالملف الليبي، وتواصل جيد آتى أكله خلال الأشهر الماضية في طرابلس من ناحية تقارب بينها وبين القاهرة”.
وأكد على أن هناك أطراف أخرى مازالت تحاول زعزعة الاستقرار في ليبيا، وعلى أن تركيا مستمرة في الاتفاقيتين البحرية والأمنية، مضيفاً: “الضغوطات التي تمارس سواء على بعض الجهات الدولية أو على بعض الجهات في الداخل الليبي لإنهاء الاتفاقيتين، تركيا تقول أن هذه الجهود لن تؤتي أُكلها”.
وسرد: “هناك جهات ليبية حقيقية شرعية مع هاتين الاتفاقيتين لما لهما من فائدة استرتيجية لليبيا ولتركيا هاتان الاتفاقيتان تؤمنان فائدة ومصلحة استراتيجية للجانب التركي وكذلك للجانب الليبي وبالتالي لا أتوقع أن تطلب أو تسعى تركيا لإلغائهما ونفس الشئ في الجانب الليبي”.
واستمر في حديثه: “أما من يغمز ويلمز أن مطالب برلين أو غيرها أو بعض الأطراف الدولية يوجبون ضرورة سحب القوات الأجنبية، فتركيا هي أول دولة تطالب بهذا المطلب، والقوات العسكرية التركية الموجودة في ليبيا لا تندرج تحت هذا العنوان والسياق”.
واستدرك: “القوات التركية متواجدة بشكل شرعي وقانوني وفق قوانين المجتمع الدولي وأعراف الأمم المتحدة من خلال اتفاقية شرعية بين جهتين شرعيتين، المطلب الآن بسحب القوات غير الشرعية الممثلة بالمليشيات المدعومة من بعض الأطراف الإقليمية والدولية، هذه القوات المليشاوية هي من المفترض أن تنسحب أو تسحب من الراضي الليبية”.
وعن مرور مدمرة أمريكية عبر مضيق البسفور إلى البحر الأسود، علق بأنه سبق ودخلت مدمرة مثيلة لها قبل شهر، معتقداً أن الأمر ليس له علاقة بالملف الليبي، وأنها ربما رسالة من الناتو بشكل عام ومن الولايات المتحدة بشكل خاص لروسيا قبيل قمة الناتو في بروكسيل خاصة فيما يتعلق بالقضية الأوكرانية.
وتابع مجدداً: “هذه البارجة الحربية الأمريكية تأتي ربما بسبب هذا السياق والملف وأن هناك وحدة وتوافق لدى أعضاء حلف الناتو خاصة الدول الكبرى على التوجه تجاه روسيا ومعارضة توسعها أو خطواتها في أوكرانيا أو في ليبيا أو في شرق المتوسط وبالتالي من هذا الباب نستطيع أن نقرأ دخول البارجة العسكرية الأمريكية إلى البحر الأسود”.
وحول ما إذا كان يمكن أن يمرر الناتو لروسيا أن يكون لها وجود عسكري بآليات ثقيلة وما يشبه الجيش في ليبيا لفترة طويلة، رد بأن ذلك أمر مستبعد.
وأفاد بأن: “قمة الناتو سيكون على جدول أعمالها التواجد الروسي في ليبيا ببند متقدم إذا صح التعبير، فهناك أزمة وهناك قلق من قبل الناتو خاصة من قبل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية من تواجد المليشيات الروسية أو القوات الروسية أو الجانب الروسي مهما كان المصطلح في ليبيا”.
وواصل مجدداً: “تواجد الجانب الروسي في ليبيا بهذه الطريقة غير الشرعية والداعمة لحفتر أو المشروع الانقلابي في ليبيا، ربما روسيا والغرب يتفقان بنقطة معينة على عدم استقرار ليبيا، ولكن يختلفان في نقاط أخرى، مثل نقاط التواجد العسكري الروسي حيث يوجد اختلاف”.
واستدرك: “لكن في نهاية المطاف هناك اتفاق، عندما تدعم روسيا حفتر وعندما تدعمه فرنسا أيضاً، والولايات المتحدة تغض النظر عنه، فهذا يعني ان هناك أشتراك في الهدف ولكن هناك اختلاف في طريقة وأسلوب الوصول له، ولكن سيبقى التوتر قائم في رأيي بين الناتو وروسيا طالما أنها متواجدة عسكرياً في ليبيا”.
ونوّه إلى أن وبطبيعة الحال سيبقى التوتر قائم بين أنقرة وموسكو فيما يتعلق بالتواجد العسكري الروسي في ليبيا لأنه تواجد غير شرعي وأهدافه غير شرعية وغير إيجابية_ على حد وصفه
وأضاف مجدداً: “لا أعتقد أن الحكومة الحالية أو الحكومة الليبية المقبلة التي ستنبثق عن الانتخابات المقبلة ستقبل بتواجد هذه القوات بهذه الطريقة على الأراضي الليبية، نحن ذاهبون إلى مزيد من التوتر بين الناتو وبين روسيا فيما يتعلق بالملف الليبي والتواجد العسكري الروسي في الأراضي الليبية”.
واختتم بأن: “من يتحمل مسؤولية هذا التواجد في نهاية المطاف هو الناتو لأنه سمح من البداية به وغض الطرف عنه والآن يأتي ويبكي ندماً على هذا الأمر”.