أوج – أثينا
كشف الصحفي والخبير السياسي اليوناني المهتم بالشؤون الدولية، أريس ديميتراكوبولوس، في مقالة له بصحيفة “moderndiplomacy”، عن حقيقة انسحاب قوات عملية الكرامة من قاعدة الوطية الجوية في الماء/مايو 2020م.
وأشار ديميتراكوبولوس، في مقالته التي طالعتها وترجمتها “أوج”، إلى تدوينة الصحفي الليبي محمود المصراتي التي قال فيها إنه تحدث مع خليفة حفتر، وأخبره أن القيادة الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم” استهدفت بشكل مباشر مواقع قواته في “الوطية”، مما اضطرها على مغادرة القاعدة، وتهديدها بمزيد من الضربات الجوية إذا لم تنسحب بالكامل من طرابلس.
وأفاد الصحفي اليوناني بأن حديث المصراتي كان بيانًا مهمًا تحدى الرواية السائدة بأن الطائرات التركية بدون طيار دمرت أنظمة الدفاع الجوي الروسية الصنع Pantsir-S1 المتمركزة في “الوطية”، الأمر الذي أدى في النهاية إلى سقوطها، وكان نقطة حاسمة للغاية في الحرب وبمثابة بداية نهاية لحملة الكرامة للسيطرة على طرابلس.
ولم تنف مصادر من الكرامة المنشور، واستمرت الشائعات حول الضربات الجوية الأمريكية ضد قوات حفتر لبعض الوقت، حيث قال مسؤول أجنبي إن هناك شائعات بأن أنظمة الدفاع الجوي التابعة لحفتر تعرضت للقصف، بينما قال سكان محليون إن الضربات الجوية ضد الكرامة كانت دقيقة بشكل مريب، وفقا للكاتب.
وأوضح الصحفي اليوناني أن أول تأكيد رسمي من الكرامة بأن “أفريكوم” استهدفت بالفعل قواتها، جاء من رئيس أركان القوات البحرية التابعة للكرامة، اللواء فرج المهدوي، الذي أفاد قبل أيام قليلة، بأن الصواريخ أمريكية وليست من سفن تركية، قائلا: “الأمريكان قصفونا في الوطية”.
ووفقا للمقالة، أظهرت الصور ومقاطع الفيديو التي التقطتها مليشيات حكومة الوفاق المنتهية ولايتها، بعد الهجوم أن حظيرة الطائرات المصنوعة من الخرسانة المسلحة قد انهارت بالكامل ولا يزال الدخان يتصاعد من بانتسير- S1 المدمرة التي كانت تحت الأنقاض، مستبعدا أن تكون الطائرات بدون طيار التركية قد تسببت في هذا الضرر الجسيم بالذخيرة الخفيفة التي تحملها.
وأظهر مقطع فيديو نشره سلاح الجو التركي، غارات بطائرات بدون طيار على حظائر أخرى في القاعدة، لكنها فشلت في إحداث أضرار كبيرة، إلا أن وزارة الخارجية بالحكومة المؤقتة المنتهية ولايتها، أصدرت بيانًا بعد يومين من سقوط القاعدة أدانت فيه “العدوان الغاشم” على قاعدة الوطية من قبل فرقاطة تركية دخلت المياه الإقليمية الليبية.
وأضاف الكاتب اليوناني، أن بيان “خارجية المؤقتة” حول فرقاطة تركية من الفئة G، كانت قريبة وقتها من الساحل الليبي، ومع ذلك، فإن المهمة الرئيسية لها، تتمثل في الدفاع الجوي، وتحمل فقط صواريخ مضادة للسفن والطائرات، وغير مصممة لضرب الأهداف على الأرض، حيث استخدم الأتراك بشكل أساسي فرقاطاتهم لتوفير دفاع جوي لمليشيات الوفاق ضد طائرات الكرامة بدون طيار.
وتوقع أن تكون “أفريكوم” شنت هجومًا على “الوطية” بصاروخ كروز من سفينة أمريكية، مبينا أنه بعد أيام قليلة من سقوط القاعدة، أصدرت القيادة الأمريكية في إفريقيا بيانًا ضد حفتر، وبعد أسابيع قليلة، التقت قيادتها بقيادة حكومة الوفاق، كما تم نقل Pantir-S1 التي تم الاستيلاء عليها سليمة من “الوطية” إلى قاعدة رامشتاين الجوية الأمريكية في ألمانيا.
وذكر أنه من الواضح أيضًا سبب رغبة الولايات المتحدة في إبقاء تدخلها نيابة عن تركيا وحكومة الوفاق سراً، حيث تضررت مصالح اليونان وفرنسا من حلفاء الناتو بشكل كبير من تصرفات أنقرة وطرابلس، على سبيل المثال اتفاقية المناطق البحرية التركية الليبية، وفي الوقت نفسه، يرى كلاهما أن حفتر يمثل شخصية استقرار في المنطقة.
وأفاد الكاتب بأن أي تدخل صريح ضد الكرامة من قبل الولايات المتحدة كان سيؤدي إلى توترات كبيرة داخل الناتو، قائلا: “المسؤولون الأمريكيون يحاولون دائمًا الحفاظ علنًا على موقف محايد عند الحديث عن ليبيا”.
وأشار إلى نوع من التقارب حدث مؤخرا بين الكرامة والولايات المتحدة، اتضح من اجتماع حفتر مع السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند في القاهرة، على اعتبار أن واشنطن لاحظت “الاستقرار” الذي جلبه حفتر إلى شرق ليبيا، مقارنة بالمنطقة الغربية، حيث لا يزال القتال المستمر بين المليشيات هو القاعدة.
واستدرك الكاتب اليوناني بأنه مع “تعثر المحادثات الانتخابية” وفشل حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في توحيد المؤسسات وطرد المرتزقة الأجانب من ليبيا، في ظل رفض تركيا مرارًا سحبهم، يبدو أن هناك أزمة جديدة حول الزاوية، ستختبر ليس فقط التقارب بين الولايات المتحدة والكرامة، ولكن تماسك الناتو نفسه.