رأى رئيس البعثة الأممية السابق في ليبيا غسان سلامة، أن للأمم المتحدة دور محوري في إنجاح المسار السياسي في ليبيا، موضحًا أن الأزمة الرئيسية في ليبيا، أنها لم تشهد من قبل انتخابات رئاسية، خاصة وأنه عندما انتهى النظام الملكي أتى من بعده النظام الجماهيري.
وأشار سلامة في مقابلة مع صحيفة “الأخبار” اللبنانية، تابعتها ”أوج”، إلى أن الفوضى عمت ليبيا طيلة السنوات العشر الماضية، ما سبّب خوفًا لدى كثير من الليبيين من أن تؤدي الانتخابات إلى استئثار شخص بعينه بالسلطة من خلال الانتخابات، بدلاً من ترسيخ الديمقراطية.
وأكد سلامة أن مسار الحلّ السياسي في ليبيا يجب أن يكون بوجود الأمم المتحدة التي ستلعب دور الطرف الضامن، حيث أنها لا مصالح اقتصادية أو مالية لها في ليبيا.
وحذر من أن غياب الأمم المتحدة، سيؤدي إلى تنازع داخلي، وتنازع دولي مستمر؛ للسيطرة على رأس الهرم في البلاد، مشيرًا إلى أنه لا يوجد رغبة حقيقية من الدول الأجنبية في دعم مسار الحل الليبي، وهو ما تمثل في أن الاجتماعات التي دعا إليها عندما كان مبعوثا أمميًا في ليبيا، غاب عنها حضور المسؤولين الأجانب، بحسب قوله.
وأضاف سلامة: “الحل في ليبيا يجب أن يتم على ثلاثة مسارات متوازية؛ الأول هو المسار الاقتصادي المتمثل في إعادة إنتاج النفط، والثاني هو المسار العسكري الذي ترعاه اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، والثالث هو المسار السياسي، والذي لا بد من دعم أممي له، كي يصل إلى بر الأمان”.
واستمر قائلاً: “في الحقيقة، هناك ثلاثة مبادئ سرتُ عليها في ليبيا، المبدأ الأول، هو ضرورة أن تكون الأمم المتحدة في مقعد القيادة، وأعتقد أنني أثبتُ ذلك.. لماذا؟ لأن الأمم المتحدة هي الطرف الوحيد الذي ليست لديه مصالح اقتصادية ومالية في ليبيا والذي يمكن له أن يكون على طرف الحياد في النزاعات الداخلية”.
واستدرك قائلاً: “إذا أخرجتَ الأمم المتحدة من مقعد القيادة في أي نزاع، لاسيما في النزاع الليبي، ما ستشهده هو تنافس حاد بين الدول المختلفة على الجلوس على مقعد القيادة، وهذا ما نشهده إلى حدّ ما اليوم في ليبيا”.
وحذر كذلك من أن غياب الدور الأممي سيؤدي إلى مزيد من التنافس بين أمريكا وفرنسا وإيطاليا وتركيا ومصر وغيرها من الدول، لافتا إلى أن الموضوع الثاني المهم، هو أن الأمم المتحدة لا دور لها إلّا إذا تبنّت مصالح الشعب الذي تعمل معه مقابل الدول الأجنبية.
وحدد سلامة المبدأ الثالث بقوله: “هو أن تكون إلى جانب ضحايا قوى الفساد والنهب في البلد حيث تعمل، لاسيما في الدول الريعية مثل ليبيا والعراق، حيث هناك ثروات حقيقية هي موضع نزاع بين مختلف الأطراف، وإن أخذت هذه الأهداف الثلاثة، يمكن لك أن تعمل مع الليبيين ليتفقوا على شيء ثمّ تذهب إلى المجتمع الدولي وتقول لهم احترموا ما اتفق عليه الليبيون!”.
وذكر أنه كان هذا هدفه ولكن في شهر الطير/أبريل 2019، قام خليفة حفتر بالهجوم على طرابلس، ومنعه من إنشاء المؤتمر الوطني الليبي، الذي كان قد دعا إليه في مدينة غدامس، والذي كان يمثّل مختلف شرائح المجتمع الليبي.
وأردف: “غيّرت استراتيجيتي آنذاك، وقلت ذلك لمجلس الأمن، عليّ أن أبني أولاً تفاهماً دولياً يكون غطاءً لأي اتفاق يصل إليه الليبيون، لكنّني عاجز عن التوصّل إلى وقف لإطلاق النار”.
وأسهب بقوله “ذهبنا إلى قمة برلين، بعد التفاهم مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في منتصف شهر هانيبال/أغسطس 2019، وانعقدت قمة برلين فعلاً في آينار/يناير 2020، وأنا أعتبرها حتى الآن هي المرجع الذي سارت عليه المسارات الثلاث المتزامنة”.
وأكد أن المسؤولية تقع في المسارات الثلاث لحل الأزمة الليبية تقع أولا على الأمم المتحدة، التي ربّما عليها أن تفهم أن الليبيين اقتنعوا بصوابية استراتيجيتها، مضيفا “لذا، ليس عليها أن تنخدع الآن وراء فكرة ندع الليبيين يتفاهمون الآن ونحن مجرّد شهود، لا، الليبيون بحاجة إلى من يساعدهم”.
ولفت إلى أن المسؤولية الثانية تقع على الليبيين أنفسهم، فالمسارات الثلاثة المذكورة آنفاً، هي ملكهم وعليهم أن يدافعوا عنها، منوها إلى أن المسؤولية الثالثة، تقع على الدول الخارجية، التي عندما رأت أن الأمم المتحدة خطت خطوة إلى الوراء في العملية النشطة للتوصل إلى تفاهم، بدأت مجدداً في التنافس على الأرض الليبية.
وينتظر الليبيون إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 الكانون/ديسمبر المقبل، حسبما حدد أعضاء ملتقى الحوار السياسي بعد جولات واجتماعات مباشرة وافتراضية على مدار شهور خلال الفترة الماضية، برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
واختار أعضاء الملتقى السياسي سلطة تنفيذية جديدة تمهد لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد نهاية العام الجاري؛ حيث فاز محمد المنفى بمنصب رئيس المجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة بمنصب رئيس الوزراء بالسلطة التنفيذية الليبية، إضافة إلى موسى الكوني وعبد الله اللافي كعضوين بالمجلس الرئاسي، بعد فوز قائمهم في تصويت أعضاء الملتقى السياسي.