أوج – روما
قال الكاتب الإيطالي ماورو إنديليكاتو في مقالة له بصحيفة insideover، إنه على مدى السنوات الـ110 الماضية، مثلت ليبيا حجرا عثرة لأي عصر سياسي إيطالي، مضيفا أن الفاشية الإيطالية حددتها على أنها “الشاطئ الرابع” لبلاده.
وأضاف إنديليكاتو، في مقالته التي طالعتها وترجمتها “أوج”، أن إيطاليا التي خرجت من حالة الطوارئ بسبب فيروس كورونا وترأس حكومتها محافظ البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي، ترى في ليبيا إمكانية العودة لوضع مهم في السياسة الخارجية.
وأشار إلى أول رحلة خارجية لرئيس الوزراء الإيطالي الجديد ماريو دراجي التي كانت إلى طرابلس، حيث التقى رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، الذي تقلد منصبه في 15 الربيع/مارس الماضي، وتتمثل مهمته في قيادة ليبيا إلى انتخابات جديدة بحلول 24 الكانون/ديسمبر المقبل.
وأضاف أن دراجي يراهن كثيراً على الملف الليبي؛ لسبب عملي وآخر سياسي بحت، موضحا أنه يجب على رئيس الوزراء الإيطالي معالجة قضية الهجرة بشكل عاجل، خصوصا أن كثرة عمليات الإنزال في الأيام الأخيرة أدت إلى زيادة القلق لدى الشرطة الإيطالية.
وأفاد بأن الحكومة الإيطالية منقسمة للغاية بشأن قضية الهجرة، مبينا أن دراجي ركز على دعم السلطات الليبية الجديدة، وأكد دعمه لخفر سواحل طرابلس، كما أضاف أن السبب السياسي يتعلق بضرورة عودة إيطاليا إلى كونها اللاعب الرئيسي في ليبيا.
وذكر أنه في السنوات الماضية، فقدت إيطاليا أهميتها في ليبيا، لاسيما مع تركيز حكومتي رئيس الوزراء الأسبق جوزيبي كونتي على تساوي المسافة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المنتهية ولايتها بقيادة فائز السراج، وقوات عملية الكرامة بقيادة خليفة حفتر، قائلا: “هذا غالبًا ما أدى إلى عدم ثبات معين في متابعة الملف وفي حالة جمود دوري حقيقي”.
وبيّن أنه منذ توقيع مذكرتي التفاهم الأمني والبحري بين الوفاق وأنقرة في الحرث/نوفمبر 2019م، بدأت تركيا في تآكل أسبقية الموقف الإيطالي حتى أصبحت الشريك العسكري الرئيسي لليبيا، قائلا: “لذلك من الضروري أن تلحق روما بالركب”.
ولفت إلى التحديات التي تواجه حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على رأسها المشاكل العديدة في تعيين شاغلي المناصب السيادية، وكذلك في الموافقة على الميزانية، بالإضافة إلى انتشار المليشيات، التي تسيطر بشكل كامل على المنطقة الغربية، ما يعني استحالة وقف تدفق المهاجرين إلى إيطاليا بشكل فوري، وتراجع فرص الاستقرار داخل الأراضي الليبية.
وأكد إنديليكاتو، أن “عودة” إيطاليا بقيادة ماريو دراجي إلى ليبيا مهمة، قائلا: “من الناحية السياسية، فإن دخول طرابلس يعني العودة إلى التخطيط لسياسة متوسطة المدى في إفريقيا والبحر المتوسط، وهما منطقتان حيويتان من الناحية الاستراتيجية.
وتابع أن ليبيا تمثل بالنسبة لبلاده “رأس جسر” نحو منطقة الساحل، بالإضافة إلى تسهيل مهمات إيطاليا العسكرية في النيجر ومالي، لاسيما أن ليبيا تعد “بوابة إفريقيا” الحقيقية القادرة على إبراز الدول الموجودة هنا نحو المناطق الأكثر استراتيجية في القارة من وجهة نظر اقتصادية.
ورأى الكاتب الإيطالي أن مساهمة بلاده في تهدئة الأوضاع الليبية مهمة أيضًا للثقل الإيطالي في سياق البحر المتوسط بأكمله، خصوصا أن مصالح شركة النفط “إيني” معرضة للخطر في المنطقة، حيث يمكن أن تنشأ صراعات مع تركيا التي تستعد لاعتبار نفسها قوة ناشئة في المنطقة.
وتطرق إلى سوء العلاقات بين رئيس وزراء بلاده ماريو دراجي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ اللذين تبادلا الاتهامات، ما يؤكد أهمية ليبيا بالنسبة لإيطاليا.