تقرير إيطالي: تغريدة “نورلاند” المزيفة وراءها أطراف رافضة لإصراره على تحديد 24 ديسمبر موعدًا للانتخابات

أوج – روما
سلط تقرير إيطالي الضوء على ما أسماها “الحرب السيبرانية التي يشنها الجيش الإلكتروني في طرابلس وبنغازي”، منوها بانتشار تغريدة منسوبة لسفير أمريكا ومبعوثها الخاص إلى ليبيا يقول فيها: “نطالب خليفة حفتر بترك المشهد السياسي الليبي والمثول أمام القضاء”، ما استدعى رد السفارة بالقول إنها “مزيفة”.
ونوه تقرير لمجلة “فورميكي” الإيطالية، طالعته وترجمته “أوج”، بانتشار متقاطع لوثائق مزورة لأول مرة باسم المبعوث الأمريكي الجديد نورلاند، رأى أنها تهدف لزعزعة الاستقرار السياسي بين طرابلس وبنغازي.
وذكر أنه بعد أيام قليلة من تعيين السفير الأمريكي في ليبيا، ريتشارد نورلاند، كمبعوث خاص أيضًا للولايات المتحدة، “تحدث حقيقة يستخف بها معظم الصحفيين الليبيين الذين اعتادوا الإبحار في بحر الزيف اليومي تمثل نقلة نوعية في الحرب السيبرانية التي يشنها ما يسمى الجيش الإلكتروني في طرابلس وبنغازي”.
وأردف: “إذا كان دعاة اتفاق الوحدة المؤقتة الليبية أو المصرف المركزي والجهاز العسكري لخليفة حفتر قد شاركوا في هذه الحرب الإعلامية الإلكترونية، فلأول مرة يشارك فيها أيضًا ممثل أجنبي، المبعوث الأمريكي بالفعل”.
ونوه باللقاء بين نورلاند ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح في القاهرة، مشيرا إلى ما صرح به المتحدث باسم مجلس النواب، حميد الصافي، من أن الجانبين بحثا الخطوات الفعلية المُتخذة للمضي قدما في العمل المتفق عليه مع نتائج مؤتمر برلين، وأن نورلاند جدد وجهة نظر واشنطن في عدم وجود حل عسكري للأزمة الليبية.
وأضاف الصافي، بحسب التقرير، أن زيارة عقيلة للقاهرة جاءت بدعوة رسمية أمريكية، وأن نورلاند أبلغ صالح بأن واشنطن ستفرض عقوبات على من يعرقل عمل المؤسسات الليبية ويدعم توحيد المؤسسة العسكرية في البلاد، وأنه تم بحث توافق الرؤية الأمريكية مع رؤية نظيرتها المصرية بشأن خروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا.
وتابع التقرير: “إنها فرصة مغرية للفصائل الأكثر تطرفا في طرابلس وبنغازي، والتي لا تنظر بعين الرضا إلى تعزيز دور الولايات المتحدة في ليبيا، للتدخل لتعكير صفو المياه ونزع الشرعية عن عمل نورلاند من خلال نشر أخبار كاذبة، ولهذه المناسبة، تم استخدام تغريدة مزيفة موقعة من السفارة الأمريكية في طرابلس”.
ورأى أن التصريح كان سيثير ضجة كبيرة لو كان صحيحا، ورد فعل غاضب من الشرق الليبي، إلا أن السفارة الأمريكية في ليبيا نفسها تدخلت ونفت ذلك بشكل قاطع ووضعت التصريح في فئة الأخبار الكاذبة.
وقالت السفارة: “شخص ما يحاول الخداع، هنا مثال مناسب للمعلومات الخاطئة التي تم تحديدها بين المستخدمين الليبيين، تم إرسال هذا المنشور المزيف كصورة وليس كرابط أو مُضمَّن في حساب السفارة الأمريكية على تويتر، لماذا؟ بسبب عدم وجود مثل هذه التغريدة”.
وأوضح التقرير أن تحذير السفارة الأمريكية أُعيد إطلاقه بعد ساعات قليلة، في منتصف الليل، من قبل الموقع الليبي “ليبيا الحدث”، الذي وصفته بـ”المعروف بصلته بالجنرال حفتر، والذي يتهم إعلام الإخوان المسلمين بتلفيق هذا التزييف”.
ورأى أن منصب نورلاند الجديد كان حساسًا للغاية، ومن ثم سارعت مجموعات المجتمع المدني الليبية والأحزاب الديمقراطية الوطنية إلى التعبير عن سعادتها بتعيين نورلاند مبعوثًا خاصًا للولايات المتحدة إلى ليبيا، وقالوا في بيان إنه عمل بلا كلل خلال المرحلة الأخيرة للسماح للشعب الليبي باتخاذ خطوات نحو الخروج من نفق الأزمة وتشكيل سلطة تنفيذية موحدة وتحديد موعد للانتخابات الرئاسية والنيابية على الهواء مباشرة، في 24 الكانون/ديسمبر.
وقرر أن المشكلة في أن كلا الجانبين لديهما من لا يريد الوصول إلى هذه الانتخابات، والعقبة الأكبر تتعلق بالتحديد بخروج المرتزقة من البلاد.
ونسب إلى العديد من المراقبين والمحللين الليبيين، رؤيتهم أن تعيين نورلاند يُظهر أن واشنطن أرادت أيضًا تكليفه بمهام ربما لم يتم الإعلان عنها، فيما شددت وزارة الخارجية الليبية، في تعليقها على تعيين نورلاند، على أهمية تبني موقف موحد للمجتمع الدولي يدعم بشكل فعال العملية السياسية.
وأشار إلى تعليق لصحيفة “القدس العربي” حيث رأت أنه “مع تجربة نورلاند في العلاقات مع روسيا على وجه الخصوص، يتضح مدى استعداد الولايات المتحدة للعب دور فاعل من خلاله، خاصة فيما يتعلق بالوجود الروسي على الأرض، التي أصبحت مقلقة، متجاهلة جميع طلبات الخروج وانسحاب مرتزقة فاغنر”.
وذكر أن انتشار الأخبار الكاذبة الآن أصبح على جدول الأعمال في طرابلس وبنغازي، وأن هذا الأسلوب انفجر بشكل خاص في الحرث/نوفمبر الماضي، عندما انعقد منتدى الحوار السياسي في تونس، والذي أدى إلى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وتابع: “في تلك الأيام، تم تداول وثائق رسمية على ما يبدو، لكنها في الواقع مزيفة، والتي خلطت بعض أجزاء من مسودة الاتفاقية المعنية بجزء مبتكر تمامًا، كان الهدف هو إفشال الحوار وفي ذلك الوقت اتُهمت القوات الموالية لحفتر بأنها المحرض، لدرجة أن ستيفاني ويليامز نفسها، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة في ليبيا في ذلك الوقت، اضطرت للتدخل من خلال كتابة تحذير من الاحتيال والمعلومات المضللة التي تهدف إلى تعطيل مسار منتدى حوار سياسي، عبر الحساب الرسمي للبعثة على الفيس بوك”.
وتطرق التقرير إلى ما اعتبره “الموضوع الأهم” بمشروع موازنة 2021م، والتي يعتمد عليها مستقبل حكومة الدبيبة، والذي ينتظر دعوة البرلمان للتصويت الأسبوع المقبل، قائلا إنه تم تداول وثيقة مزورة موقعة من “مجلس الدولة” قيل فيها إنه سمح للحكومة بالمصادقة على الميزانية حتى بدون موافقة البرلمان، ما مثل استفزازا قويا للنواب.
ولفت إلى وثيقة أخرى في الأيام الأخيرة قال إنها كاذبة ويشتبه في تداولها من قبل أطراف موجودة في طرابلس، تنص على أن محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير أعطى الضوء الأخضر لتمويل الميزانية حتى دون تصويت البرلمان.
وأشار إلى عشرات المرات التي قال إن المتحدث باسم حكومة الوحدة المؤقتة، محمد حمودة، تدخل فيها بشكل مباشر، وكتب على انفراد للصحافيين لنفي الاتصالات الكاذبة المنسوبة إليه، أو مصداقية حسابات فيسبوك الوهمية التي نشأت باسم رئيسه التنفيذي.
وقال إنه إلى جانب حرب الوثائق المزورة المتداولة بين الصحفيين الليبيين، يجب النظر للدول المشاركة في الصراع الليبي، خاصة روسيا وتركيا، المتواجدين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث الشبكات التي تحاول بطرق مختلفة التدخل في الأزمة.
ولفت إلى أن أكثر من 1.3 مليون شخص تابعوا إحدى صفحات الفيس بوك المخصصة لليبيا، في بلد يضم حوالي 7 ملايين نسمة، ومن بين المحتويات التي تم دعمها في كثير من الأحيان الدعوة إلى “تحرير البلاد من الإرهابيين”، قائلا “إنها أولوية واضحة، لكنها أيضًا أحد الشعارات الثابتة لأمير الحرب خليفة حفتر.
وقال إنه كان هناك حديث عن فيلم عن اثنين من الروس احتجزتهما قوات تابعة لحكومة الوفاق المنتهية ولايتها في طرابلس أثناء صراع عام 2019م، حيث اتهم الاثنان بتقديم معلومات لصالح الدكتور سيف الإسلام معمر القذافي، وبعد ذلك تم إطلاق سراحهما ولا وجود لفيلم.
وأشار إلى دور آخر للشبكة الرقمية هو تدمير عملية الحوار التي بدأت بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار داخل ليبيا، منوها بأن الطريقة المستخدمة كانت هي إنشاء محتوى كاذب عن أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، المتهمين بالمسؤولية عن تفجير الطاولة.
وأقر بأن الجماعة تخلق مشاكل لأنها تسعى للحصول على مكاسب مهمة في ليبيا، ودائما ما يشار إليها عند الحديث عن الإرهاب، مستدركًا بأنه، ورغم ذلك، كان هناك العديد من المحتويات التي تم نشرها كانت مزيفة.