أوج – القاهرة
أشاد وزير الخارجية المصري سامح شكري، في كلمته خلال الاجتماع الافتراضي لمجلس السلم والأمن الإفريقي حول ليبيا، الخميس، بالجهود المبذولة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية لدعم تحقيق الاستقرار السياسي في ليبيا.
ووفقا لبيان على الحساب الرسمي للخارجية المصرية، طالعته “أوج”، أعرب شكري عن أمله بأن تفضي الجهود الدولية إلى استعادة ليبيا لأمنها ووحدتها وسيادتها، وأن تعود إلى الليبيين، بما يحقق تطلعاتهم المشروعة في الانطلاق نحو مستقبل أفضل.
وأضاف: “يأتي اجتماعنا اليوم في لحظة هامة من عمر الأزمة الليبية حيث يسير الأشقاء الليبيون بخطي ثابتة نحو الوفاء بخارطة الطريق التي أقروها لإخراج بلادهم من أزمتها من خلال عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المقرر في 24 ديسمبر”.
وثمّن جهود مجلس النواب الليبي التي أفضت لإصدار قانون الانتخابات الرئاسية واضطلاعه بمسؤولياته حالياً لإنجاز قانون الانتخابات البرلمانية، وتنسيقه مع المفوضية العليا للانتخابات الليبية حتى يتسنى إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده على نحو يسمح للشعب الليبي بالتعبير عن إرادته الحرة في اختيار قياداته، على حد قوله.
وأفاد بأنه لكي يتسنى لليبيا الانطلاق نحو المستقبل، فينبغي التعامل مع الإشكالية الرئيسية، محل النقاش في اجتماع اليوم، والتي تعوق استعادتها لسيادتها ووحدتها، والمتمثلة في تواجد القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة على أراضيها بما يؤثر سلباً على الأمن القومي الليبي خاصة، وعلى أمن دول جوارها العربي والإفريقي عامة.
وذكر أن مصر حذرت منذ عام من تبعات استمرار الصراع المسلح في ليبيا، وأنها قد تضطر لاتخاذ إجراءات لحماية أمنها القومي وحفظ ميزان القوة في حالة الإخلال به، قائلا: “كان لهذا الموقف أثره الواضح على مختلف الأطراف لعدم التصعيد والانخراط بجدية في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، وصولاً إلى إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020م والذي لازال سارياً حتى اليوم”.
وأوضح أن الموقف المصري، تسبب كذلك في صدور مقررات دولية تهدف إلى إخراج ليبيا من أزمتها، مع وضع حل جذري لإشكالية التواجد الأجنبي على أراضيها من خلال خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا دون مماطلة أو استثناء وفقاً لنص قرار مجلس الأمن بالأمم المتحدة رقم 2570.
وانتقد شكري، موقف المجتمع الدولي تجاه الأزمة الليبية، قائلا: “لم يتخذ إجراءات حازمة لوضع حد لتواجد القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا، وهو الأمر الذي يستلزم تضافر جهود المُجتَمعين اليوم لنشكل موقفاً موحداً قوياً داعماً للدور الوطني للجنة العسكرية المشتركة الليبية 5+5 في هذه المهمة”.
وحث المجتمع الدولي على تأدية دوره في وضع الأطراف الساعية للالتفاف على قرار 2570 ومخرجات مؤتمر “برلين 2” بشأن الانسحاب الكامل لجميع القوات الأجنبية والمرتزقة أمام مسؤولياتها ومحاسبتها، بما يحقق أمن ليبيا ويصون الأمن القومي لدول جوارها، ويمثل إنصاتاً واستجابةً لنداءات أبناء الشعب الليبي المتعالية في هذا الشأن.
وأكد أن استمرار التواجد العسكري الأجنبي في ليبيا بجميع أشكاله يوفر بيئة غير مستقرة حاضنة للإرهاب والتطرف بما يتيح انتقال العناصر الإرهابية في المنطقة، متابعا: “أثبتت الخبرة أن الجريمة المنظمة والتنظيمات الإرهابية لا تعترف بالحدود، وما تلبث أن تستهدف دولاً خارج محيط نشاطها المباشر بعملياتها الإجرامية، ومن ذلك استهداف دول السـاحل والصـحراء ووسـط أفريقيا”.
وأشار إلى ضرورة رفع قدرات تلك الدول على بسط سيطرتها على كامل أراضيها، مع التأكيد على أهمية تعزيز الجهود القارية والدولية لدعم ركائز الدولة الوطنية لتمكينها من التصدي لمثل هذه الظواهر التي تزعزع الأمن والسلم الدوليين.
واقترح شكري بأن يخرج اجتماع مجلس السلم والأمن الإفريقي حول ليبيا اليوم بتوافق حول حتمية الخروج غير المشروط والمتزامن والمنسق لجميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب دون استثناء، بما يتماشى مع المقررات الدولية في هذا الشأن، ودعم مهمة لجنة 5+5 العسكرية المشتركة في هذا الخصوص.
وتضمنت الاقترحات، تجديد الالتزام والدعم لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك ما نص عليه بشأن تجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية الخاصة بالتدريب في الداخل الليبي وخروج أطقم التدريب، بالإضافة إلى السير قُدماً نحو الانتهاء من إجراءات مراجعة وتنقيح الاتفاقية الإفريقية لمكافحة الارتزاق في القارة.
ودعا إلى حث الدول المُصدرة للمقاتلين والمرتزقة لاستعادة من جلبتهم من مناطق أخرى، والمتابعة الأمنية اللصيقة للعناصر الأشد خطورة، مع معاقبة داعمي المرتزقة ومستخدميهم ومن يُيَسرون عبورهم وانتقالهم بين مختلف الدول.
وطالب بتعزيز التعاون المشترك على المستوى القاري لتتبع حركة المرتزقة وأنشطتهم، ووضع آليات للتتبع وتبادل المعلومات، وسن أو تعديل التشريعات الجنائية الداخلية بما يتلاءم مع مكافحة هذا الخطر.
وشملت المقترحات ضرورة إسهام المجتمع الدولي في دعم برامج إدماج وإعادة تأهيل العناصر المنخرطة في المجموعات المسلحة بعد تسريحهم، ووضع البرامج المُلائمة لنزع الأسلحة الموجودة بحوزتهم، اتساقاً مع مبادرة إسكات البنادق التابعة للاتحاد الأفريقي، وبما يوفر الإطار المناسب للتعامل مع ظاهرة المرتزقة.
ولا تزال تشهد ليبيا تواجدًا كبيرًا للمرتزقة والمقاتلين الأجانب الذين جلبتهم حكومة الوفاق المنتهية ولايتها وقوات عملية الكرامة، رغم توقيع اتفاق إطلاق النار في جنيف خلال شهر التمور/أكتوبر الماضي، والذي أعطى مهلة 3 أشهر لخروجهم، إلا أن المهلة انتهت دون تنفيذ.
وينتظر الليبيون إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 الكانون/ديسمبر المقبل، حسبما حدد أعضاء ملتقى الحوار السياسي بعد جولات واجتماعات مباشرة وافتراضية على مدار شهور خلال الفترة الماضية، برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
واختار أعضاء الملتقى السياسي سلطة تنفيذية جديدة تمهد لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد نهاية العام الجاري؛ حيث فاز محمد المنفى بمنصب رئيس المجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة بمنصب رئيس الوزراء بالسلطة التنفيذية الليبية، إضافة إلى موسى الكوني وعبد الله اللافي كعضوين بالمجلس الرئاسي، بعد فوز قائمهم في تصويت أعضاء الملتقى السياسي.
وسوم: الأزمة الليبيةالخروج المتزامن للمرتزقةالصراع المسلح في ليبياسامح شكريمجلس السلم والأمن الإفريقي