كشف مدير قسم الإعلام بجهاز النهر الصناعي العظيم صلاح الساعدي، عن أنه تم اكتشاف إحدى العبوات الناسفة في واحدة من وحدات النهر الصناعي جنوبي الشويرف، كان يمكنها أن تقطع المياه بالكامل عن الشمال الغربي لليبيا.
وأوضح الساعدي في تصريحات عبر فضائية “ليبيا بانوراما”، تابعتها ”أوج”، أن الأحد الماضي أثناء عمليات التفتيش وعمليات الصيانة بوجود القوات الأمنية المشتركة، تم العثور عبوة جاهزة للتفجير مربوط بها هاتف نقال.
ووصف الساعدي تلك العملية بأنها أسلوب مستنكر بشدة، لافتا إلى أن القوة الأمنية المشتركة قاموا بتغطية المنطقة وإزالة المواد المتفجرة.
وأكد أن هذه ليست أول مرة ففي الشهر الماضي، تم نسف أحد الغرف الخاصة بالنهر الصناعي بعبوة ناسفة وهو أسلوب غير حضاري وغير مقبول.
ولفت إلى أن هذه أول مرة نرى تقنية العبوات الناسفة عن بعد عن طريق الهاتف النقال، متابعا “لكننا لا نعلم العبوة الناسفة التي استخدمت الشهر الماضي هل كانت عن بعد بنفس الطريقة أم لا”.
وذكر أن الأسلوب في حد ذاته أسلوب خطير وظاهرة غير صحية وظاهرة خطيرة، مضيفا “لو استمر هذا الأمر نحن سنكون آسفين أن المياه ستنقطع عن البلاد”.
وتحدث عن أنه خلال الأشهر الماضية انقطعت المياه لنحو أسبوع عن طرابلس وكان لها آثار سلبية كبيرة، بسبب هذا الأسلوب، مشيرا إلى أن هناك البعض يستخدم أسلوب استغلال النهر الصناعي لأغراض شخصية أو جهوية وهو أمر غير مقبول، مناشدا جميع الجهات الأمنية بالتدخل.
وتطرق إلى أنه لو تم تفجير تلك العبوة الناسفة في وحدات صمام الهواء، كان يمكن أن يتكرر مثل ذلك الذي حدث في خط نقل المياه الشرقي الواصل لمدينة مصراتة وما بعدها، وكان يمكن أن يستغرق شهرا في إصلاحه، كما أنه لو تم تفجير خط أنابيب رئيسي كانت ستكون المدة أطول والإصلاح يحتاج إلى وقت أطول.
وأردف بقوله “من كثرة الاعتداءات على النهر الصناعي، وصلنا إلى قناعة أنه ربما يكون هذا الأمر ممنهج ومقصود، ونستغرب أن يكون هناك مواطن ليبي يفجر خط مياه الذي يعتبر بمثابة أكسير الحياة للشعب كله، وهذا أسلوب مستنكر بشدة”.
وانتقل للحديث عن أن تلك العبوة المكتشفة كانت بالقرب من جنوب شويرف، واصفا إياها بأنها منطقة حساسة لو حدث فيها الانفجار كان ستنقطع المياه عن الشمال الغربي لليبيا بالكامل، لأنه مسار وموقع حساس للغاية، مؤكدا أن المنطقة أصلا وعرة وكانت ستكون المشكلة كبيرة جدا وإصلاحها يأخذ وقت طويل جدا.
واستمر قائلا “المشكلة نجد بعض الناس خلال عمليات التفتيش الأمنية بعض الناس يحصلون المياه بطريقة غير قانونية من مجمع النهر الصناعي حتى بعد إزالتها في وقت سابق، بسبب عدم وجود عقوبات رادعة، رغم أنه قد يكون بحاجة لاحتياج مائي ولكن ليس بهذا الأسلوب بالتواصل مع البلدية الخاصة بها وجهاز النهر الصناعي وبطريقة سلسة وقانونية حتى نحسب عملية الضخ بطريقة سليمة”.
وأشاد الساعدي بدور النائب العام، ووصفه بأنه “أول مسؤول يقوم بإجراء تشكيل القوة الأمنية المشتركة للمحافظة على النهر الصناعي، وبسبب قراره تم إغلاق أكثر من 400 وصلة مياه غير شرعية وعادت المياه مرة أخرى إلى طرابلس في زمن قياسي”.
واستدرك قائلا “تمكنت حملات الجهاز مع القوة الأمنية المشتركة من إنقاذ أكثر من 150 ألف متر مكعب مياه يومي كانت مهدرة على الوصلات غير الشرعية، ونتمنى أن يستمر عمل تلك القوة الأمنية المشتركة مع الجهاز”.
وكانت وكالة “نوفا” الإيطالية، سلطت الضوء على الاعتداءات والسرقات والتخريب لآبار النهر الاصطناعي العظيم، في ظل الغياب التام للأجهزة الأمنية، آخرها الهجمات على البئر رقم 079 في الحقل الجنوبي، بالقرب من الخط C3، الذي يعتبر من أكثر الآبار مهارة.
وأفادت الوكالة، في تقرير لها، قبل أيام، طالعته وترجمته “أوج”، بأنه عندما تم افتتاح أول خط أنابيب من مرزق إلى طرابلس عام 1996م، أطلق عليه القائد الشهيد معمر القذافي اسم “الأعجوبة الثامنة” في العالم، لكنه تحول الآن إلى سلاح في الحرب الليبية.
وبينت أن “النهر الصناعي العظيم” عبارة عن شبكة معقدة تتكون من 4000 كيلومتر من خطوط الأنابيب و270 محطة ضخ، وتخضع في معظمها لسيطرة المليشيات، موضحة أنه قناة مائية عملاقة كلفت ما يقرب من 50 مليار دولار وثلاثين عامًا من العمل، ويعد بنفس أهمية النفط بالنسبة لليبيا.
وأضاف التقرير أنه خلال حملة للبحث عن رواسب نفط خام جديدة في عمق جنوب الصحراء الليبية، أطلقت في أواخر الستينيات في عهد الملك إدريس السنوسي، تم تحديد احتياطيات هائلة من المياه الجوفية عالية الجودة تقدر بـ35 ألف كيلومتر مكعب من المياه العذبة تحت الأرض، لكن تم إهمال الأمر بالتركيز على النفط.
وأوضح أنه بعد عشر سنوات من ثورة الفاتح من سبتمبر، عُهدت بدراسة جدوى لاستغلال هذا الكنز إلى شركة أمريكية تسمى “كيلوج براون & روت أوف هيوستن”.
وبيّن أنه في التمور/أكتوبر 1983م، تم إنشاء هيئة النهر الصناعي الكبرى، وإطلاق مشروع النهر الصناعي العظيم رسميًا، وهو مشروع حفر الآبار، وبناء خطوط الأنابيب “مدفونة تحت رمال الصحراء لمنع التبخر”، وبناء محطات ضخ للسماح بمرور المياه، التي تتدفق في مسار مسطح وتربط كل شيء بشبكة المياه الموجودة على الساحل الليبي.
وذكر التقرير أن الأنابيب التي يبلغ قطرها أربعة أمتار والمصنوعة من الخرسانة، تغطي مسافة أربعة آلاف كيلومتر، تم إنتاج جميع المواد محليًا في مصنع بالقرب من البريقة بواسطة شركة كورية جنوبية، لكن تبين أن النهر الجوفي يمثل مشكلة كبيرة، لأن تكلفة المتر المكعب من الماء تبلغ 35 سنتًا للدولار، بينما يتطلب الحصول على متر مكعب من المياه المحلاة 3 دولارات.
ورغم أن احتياطيات أحواض الكفرة وسرت وحمادة ومرزق لن تكون أبدية، لكن الخبراء يقدرون أن كمية المياه التي سيتم استغلالها تعادل 200 عام على الأقل من تدفق نهر النيل، وكان حفل التنصيب بمثابة انتصار شخصي للقائد الشهيد الذي اختار ذكرى ثورة الفاتح، إذ قال إن النهر العظيم من صنع الإنسان هو الأعجوبة الثامنة في العالم.
وحضر الاحتفال العديد من رؤساء الدول العربية في السلطة عام 1996م، مثل المصري السابق حسني مبارك، والملك الحسن الثاني ملك المغرب، ورئيس السودان عمر البشير، ورئيس جيبوتي حسن جوليد، حيث وجه القائد الشهيد خطابه لمبارك على وجه التحديد بدعوته لتشجيع هجرة آلاف المزارعين المصريين إلى ليبيا للعمل بالمزارع على طول الساحل.
وتشير التقديرات، وفقا للتقرير، إلى أن الشركة الكورية وظفت حوالي 15 ألف عامل لتنفيذ العمل، الذي اكتمل على عدة مراحل، حيث يمتد أول خط من مرزق إلى طرابلس بطول حوالي ألف كيلومتر، وافتتح في عام 1996م، كما تم حفر ثلاثة آلاف كيلومتر أخرى من الخنادق في الرمال، ومد مواسير المياه على طول الساحل لربط طرابلس ببنغازي.
وأكد التقرير أنه حتى اليوم، لم يكتمل مشروع النهر الصناعي العظيم، لكنه يمثل بالفعل أكبر عمل ضخم من نوعه تم بناؤه في العالم، لاسيما أنه ينقل حوالي مليوني متر مكعب من المياه يوميًا، حيث تم استخدام 400 حفار أمريكي ضخم لحفر الخنادق في الرمال، وكذلك الشاحنات المستخدمة لنقل أقسام الأنابيب الخرسانية التي تم بناؤها في مصنع البريقة في قوافل طويلة على المسارات الصحراوية.
وأفادت بأن المشروع واجه خطر السقوط بسبب العقوبات التي فرضها رئيس الولايات المتحدة في عهد الرئيس رونالد ريغان، بعد أن وصلت العلاقات بين الولايات المتحدة وليبيا إلى حافة الهاوية، لكن سلمت الشركة الأمريكية عملها، كما لم تلتزم أوروبا بالعقوبات الأمريكية باستثناء بيع الأسلحة.
واسترسل التقرير بأن العلاقات التجارية مع ليبيا كانت قوية للغاية بالنسبة للعديد من الدول الأوروبية، بما فيها إيطاليا، لكن خلال فترة بناء “النهر الصناعي العظيم”، افترض خبراء من وزارة الخارجية والدفاع الأمريكية أن القناة العملاقة يمكن أن تخفي نظامًا من الأنفاق التي يمكن استخدامها أيضًا لأغراض عسكرية، وفقا للتقرير.
وبحسب التقرير، كانت الأنابيب التي يبلغ قطرها أربعة أمتار كافية للسماح للرجال والمركبات بالمرور من جزء من البلاد إلى آخر باتجاه تونس ومصر وتشاد والسودان، وبالإضافة إلى حجمها الكبير، كانت الأنابيب المستخدمة في العمل عبارة عن بناء خزانات كبيرة تحت الأرض بحوالي عشرين مترًا في عشرين مترًا كل 50، أو 60 كيلومترًا من مسار خط الأنابيب.
ووفقًا للمشروع، كانت هذه غرف ضغط لتنظيم تدفق المياه في خط الأنابيب الكبير، لكن وفقًا للمخابرات الأمريكية، يمكن أن تكون أيضًا مناطق لإيقاف الجنود وإراحتهم أثناء العبور، كما أن مسار أحد خطوط الأنابيب تحت الأرض كان قريبا جدًا من جبل ترهونة، حيث بنى القائد الشهيد، أهم مصنع لبناء الأسلحة الكيماوية والبكتريولوجية، حسبما قالت المخابرات الأمريكية نفسها.