أوج – طرابلس
اتهم مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض، بدر الدين النجار، اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا التابعة لحكومة الوفاق المنتهية ولايتها، بأنها سبب تأخر ليبيا في جلب لقاحات كورونا، وعدم تواصلها مبكرا مع الشركات، ما وضع البلاد خارج خريطة توزيع اللقاحات لفترة طويلة.
وعلق النجار في مقابلة بثتها قناة المركز الوطني لمكافحة الأمراض عبر “يوتيوب”، تابعتها “أوج”، على مخاوف الناس من الحصول على لقاحات كورونا بقوله إن مرض كورونا من البداية كان هناك غموض كبير حوله، ولم تتوافر معلومات كبيرة واضحة، والمرض أحيط به حجم كبير من الدعاية وتخويف الناس، والتخويف من اللقاح رد فعل طبيعي من التخويف من كورونا، خاصة وأن بعض الناس لا يزال متخوفا من التطعيمات التقليدية، التي أخذت وقتها في التجريب والمأمونية، وذلك لأن الشركات كانت واضحة مع الناس بقولها إن التطعيم هذا خرج بشكل سريع والتراخيص خرجت لتراخيص الطوارئ.
وأشار إلى أن واحدة من مهام المركز الأساسية هو التواصل مع الناس وطمأنتها من اللحاق، لذلك أطلق حملة إعلامية للتواصل بشكل حذر، حتى لا تعطي نتائج عكسية، مضيفا أن سبب عدم تكثيف الحملة هو قلة عدد شحنات اللقاح التي تصل ليبيا، لكننا وضحنا للناس كيف أن تلك التطعيمات آمنة تماما وتم تطعيم الملايين بها من دون مشاكل ولشركات لها باع طويل في تصنيع التطعيمات ولن تخاطر بسمعتها أبدا.
وأوضح أن عدد من حصلوا على تطعيمات كورونا حتى الآن وصلوا إلى 350 ألف شخص تقريبا، ووصف الرقم بأنه وفق الصعوبات التي تمر بها البلاد والإمكانيات يعتبر هذا إنجازا ضخما حققه المركز الوطني والوزارات والمؤسسات الصحية المسؤولة في قيادة هذه الحملة في الاتجاه الصحيح.
أما عن التعددية في استخدام لقاحات كورونا، فقال إن هذا التطعيم منقذ للحياة، والطلب عليه كثير من العالم بشكل لا يوصف، لأنه يوقف انتشار فيروس كورونا، ويخرج الدول من الإجراءات الاحترازية التي تسبب ضررا للاقتصاد والحياة الاجتماعية والسياسية، وليس متاحا لنا الاختيار في نوعية اللقاح، لأننا نتحرك في ظروف صعبة.
وهاجم النجار حكومة الوفاق المنتهية ولايتها، بقوله إنه لم يتم التواصل معهم أو أخذ رأيهم من البداية، وتأخرت ليبيا جدًا في طلب التطعيمات، ولم يتخذوا إجراءات سريعة في بداية إنتاج التطعيمات وتأخروا جدا في طلبها، حتى كانت حجزت كل الكميات بشكل كبير.
وعن المسؤول في تأخر حجز أو طلب التطعيمات، أكد النجار أن المسؤول عن هذا كان اللجنة العلمية الاستشارية العليا لمكافحة فيروس كورونا التابعة لحكومة الوفاق المنتهية ولايتها، لأنها كانت متبنية الموضوع جملة وتفصيلا، لكن لم تتاح لها الموارد المالية بالسرعة اللازمة، ولم يكن لديها الكفاءة اللازمة لتتمكن من حجز التطعيمات في الوقت المناسب.
وأضاف بقوله إن “اللجنة لم تشرك جهاز الإمداد الطبي ولا المركز الوطني لمكافحة الأمراض أو من لديهم خبرة في جلب التطعيمات أو إجراء المحادثات مع الشركات أو تقديم الوثائق المطلوبة لجلبها، وأصبح هناك تأخير في التعامل معها، فضاعت علينا الفرصة أن نحصل على التطعيم في البداية، ولو كان الجهد المبذول في الاتجاه الصحيح، لكنا حصلنا على أكثر من 3 أو 4 مليون جرعة من لقاحات كورونا وكان وضعنا سيختلف وأنهينا قصة كورونا جملة وتفصيلا”.
أما عن اللقاحات التي وصلت ليبيا حتى الآن، فرصدها بقوله إنه وصلت ليبيا 200 ألف جرعة من لقاح “سبوتنيك في” الروسي تبرعت بها الإمارات، وشحنة من مبادرة “كوفاكس” حوالي 750 ألف جرعة من لقاح أسترازينيكا، و150 ألف جرعة من لقاح ”سينوفاك” الصيني تبرعت بها تركيا، وجاءتنا 117 ألف جرعة من مبادرة “كوفاكس” من لقاح أسترازينيكا، مضيفا أنه “في الأسبوع القادم سيأتي لنا 100 ألف جرعة من لقاح سبوتنيك في، ولا نعلم إذا كانت مكونة من لقاح سبوتنيك في لايت، الذي يعطى من جرعة واحدة أو نسخة من اللقاح السابق”.
وتحدث عن مسؤولية اختيار نوعية اللقاح، فقال إنها ليست مسؤولية المركز، بل تتولاها الحكومة، وأن المركز ليس على إطلاع دائم بقصة الشراء أو تحديد الأنواع، حتى رئاسة حكومة الوحدة المؤقتة حاليا ليس متاحا أمامها اختيار نوعية اللقاح، وما تحصل عليه تأخذه مباشرة.
وأردف بقوله إن “كل ما نعمله هو أن نختار الفئة التي يتم منح اللقاح لها حسب نوعية اللقاح، فمثلا لقاح أسترازينيكا بسبب ما دار حوله من مشاكل حتى لو بنسبة ضئيلة وقصرناه على كبار السن من 60 سنة وأكثر، بسبب مشاكله لفئة السن من 30 إلى 40 عاما، ونقسم باقي اللقاحات بتلك الطريقة، بحيث تمنع حدوث أي مضاعفات خطيرة لأي شخص”.
وعن تبرعات الدول لليبيا بشأن لقاحات كورونا وإهدار أموال كبيرة على اللقاحات، فقال إن إجابته ليس لديه بل لدى الحكومة، لأن المركز الوطني لمكافحة الأمراض، لم يستلم من تلك الميزانية الكبيرة المخصصة للقاحات أي مبالغ تقريبا إلا 15 مليون دينار فقط، وهذه التي اشتغلنا بها في كل ليبيا بفرق التقصي وكل ما إلى ذلك.
وأشار إلى أن شراء التطعيمات ليس مسؤولاً عنه المركز الوطني،ـ بل مسؤول عنه جهاز الإمداد الطبي، وهذا أمر يرجع إلى الحكومة فقط، ولو كان هناك محاولات جادة لتم توفير أموال لشراء التطعيمات، لكن في ظل الفوضى الإدارية والمشاكل الواقعة لم يحدث الأمر، والآن نرى أن هناك مساعي من قبل مكتب رئيس الحكومة للحصول على التطعيمات، وحتى لو كان هناك حاليا الأموال قد لا تتمكن من تحصيل التطعيمات التي ترغب بها.
ولفت إلى أن ليبيا تعاقدت مع مبادرة كوفاكس، للحصول على 2 مليون و300 ألف جرعة، لكنها تبعث لنا بشحنات على مراحل بطيئة، وهذا ما جعل حملة التطعيمات لا تسير بالسرعة المطلوبة، خاصة وأننا ليس لدينا بنية تحتية قوية في مراكز التطعيم.
وتطرق بحديثه عن ميزانية المركز، بقوله إن الحديث عن الميزانيات الضخمة منذ بداية جائحة كورونا، لم يستلم المركز إلا 15 مليون دينار يصرف عليها المركز منذ أكثر من عام، وهذه المبالغ التي تتحدث عن مليارات، ليس لها علاقة بالمركز من قريب أو بعيد، وباقي الأمور تتم عن طريق جهاز الإمداد الطبي أو اللجنة العلمية الاستشارية أو لجنة مشتريات تابعة لوزارة الصحة
وعن الهجوم بشأن حصول المركز على مساعدات نقدية من منظمات دولية مثل منظمة الصحة العالمية واليونيسف والمنظمة الدولية للهجرة، فتحدث عن أن المركز يتعاون معهم منذ سنوات ويقدموا الدعم الفني واللوجيستي، ولكن لم يستلموا منهم أي مبالغ نقدية إلا بعض المساعدات العينية مثل بعض معدات الفحص لاكتشاف من يصاب بالفيروس، ولم يستلم أي مبلغ نقدي من المنظمات الدولية، لافتا إلى أن كل ما يشاع عن ذلك ليس له أساس من الصحة.
وأضاف بقوله إن المركز لا يرغب في الرد على أي اتهامات جزافية من دون دليل، لأنه يتعامل مع الدولة الليبية من خلال القنوات الرسمية، ولم يستلم إلا الإعانات العينية المعروفة والمسجلة والموثقة مثل الكمامات والمعقمات ويتم تسليمها بشكل رسمي وموثق أيضا.
وانتقل بالحديث عن تأخير الجرعة الثانية وهل يشكل خطرا على المواطن الليبي، بقوله إن من تلقى الجرعة الأولى من التطعيم هذا لا يعني أنه في خطر، لأن الجرعة الأولى تعطي قدر من الحماية تصل إلى 75% وترفع مناعة الجسم بصورة كبيرة لمواجهة فيروس كورونا، ولكن تكتمل المناعة بالجرعة الثانية والتي تصل في بعض التطعيمات إلى 98%، وهناك مختصين يقولون إن الجرعتين تمنحك حماية كاملة، ولكن هذا أيضا هناك تشكيك فيه أيضا، لكنها تمنح حماية كبيرة وتقلل من مضاعفات فيروس كورونا وتقلل وتمنع الوفيات من كورونا، وكل التطعيمات تعطي مناعة متفاوتة، ويحتاج الشخص لفترة من أكثر من 3 أسابيع حتى يكون الجسم أجساما مضادة لفيروس كورونا.
ورصد أن المركز جهز دراسة للأعراض الجانبية للقاحات المختلفة، حيث يتم التواصل مع المراكز الصحية، لأن تطعيم كورونا عنده خصوصية وينبغي على الشخص قبل أن يتم تطعيمه أن يملأ نموذجا يدرج فيه حالته الصحية، وعليه أن يجلس نصف ساعة قبل أن يغادر المركز الصحي حتى لا تظهر عليه أي أعراض جانبية خطيرة غير الأعراض الطبيعية للقاحات فيروس كورونا
وتحدث كذلك عن المشاكل التي تظهر في منظومة التسجيل للقاح فيروس كورونا، وتأخر وصول الرسائل لطالبي اللقاح أو وصولها لفئات سنية أصغر، بقوله “لابد أن يعذرنا المواطنين لأننا أول مرة نستخدم تلك المنظومة، ويشارك معنا الهيئة العامة للاتصالات والتي بذلت جهد كبير وقد تحدث بها بعض الأخطاء، وتلك المنظومة مصرين عليها لأنها تنظم عملية التطعيم، وإلا سنرى المئات متكدسة أمام مراكز التطعيم، وستكون فوضى عارمة.
ومن خلال هذه المنظومة في إتاحة الفرصة لتطعيم الفئة المستهدفة، من كبار السن، ومن لديهم الأمراض المزمنة والجهات الطبية، وربما جاءت رسائل بالخطأ لبعض صغار السن لأن المنظومة لا تزال تحت التجربة والضغط علينا كبيرة، ولكن الناس لم يعتادوا على النظام ونطالب الجميع بالتمسك بالنظام والمنظومة تلك حتى لا تحدث فوضى”.
وانتقل بحديثه عن أن المركز الوطني لمكافحة الأمراض، أحد المؤسسات القليلة الموحدة في ليبيا ولم يطولها الانقسام، بقوله إن هذا واحد من أسرار نجاح المركز الوطني في أداء مهامه، وهو ابتعاده عن كل التجاذبات الجهوية والسياسية، لأن عمل المركز مسؤول عن صحة المجتمع والحفاظ على الأمن القومي الصحي، ويغلب على عمله الجانب الإنساني في تقديم الخدمة، مضيفا أنه “لا يمكن تطعيم أطفال في منطقة بغير منطقة أخرى، والناس قدرت دورنا الإنساني، ويعرفون أنه ليس لدينا أي توجهات سياسية أو جهوية وهمنا أن يصل التطعيم إلى كل طفل في ليبيا وأن نحمي ليبيا من أي أوبئة أو جوائح، والمركز لديه نوع من الاستقرار الإداري الذي ساعد في تحقيق مهامه في أحلك الظروف في غياب الميزانية أو تدهور الأوضاع الأمنية، ورغم محاولات تفكيك المركز وتبديد جهوده”.
وتحدث أيضا عن موانع أخذ لقاح كورونا حسب الأدلة الإرشادية واللجنة العلمية بالمركز الوطني لمجابهة جائحة كورونا، بقوله إنها معظمها أشياء جدلية، لأن التطعيم لم يتم تجربته بشكل كبير، مثل أخذ المرأة الحامل لقاح كورونا، لكن الناس المرضى بالأمراض المزمنة هم من ينبغي أن يحصلوا على التطعيم، إلا من لديهم حساسية من نوع التطعيم أو المادة المستخدمة فيه، وهذا بيد الأطباء الذين يمنحون التطعيم للشخص.
وأشار إلى أن المركز الوطني عنده برامج شراكة لديها فترة طويلة وخطى ثابتة، ونستفيد من الموارد الداخلية والمنظمات الدولية، التي ليبيا تدفع اشتراكات فيها مقابل أن تقدم لنا الدعم الفني واللوجيستي للخدمات الصحية، لا سيما أثناء حالات الطوارئ التي تمر بها ليبيا، ونعقد معها برامج شراكة، والمركز من سنة 2013 حتى 2018 لم نأخذ مليم واحد من الميزانية الخاصة بنا وكنا نحصل على مبالغ زهيدة تيسيرية فقط، وهذا الدعم كان مهم جدا لنا في هذا التوقيت الحرج لنا.
وعن المشاكل التي يتهم بها المركز، مثل بيع اللقاحات مثلا أو إغلاق مراكز أخذ اللقاح في وجه الناس، رد قائلا “على الناس أن تعلم أننا لسنا مسؤولين عن سلوكيات مراكز التطعيم في البلديات، فهي مسؤولية البلديات الخاصة بهم، فلو أحد أخذ التطعيم وباعه مثلا فهذا ليس مسؤوليتنا كمركز، نحن فقط نشرف على توزيعها واختيارها وطريقة إعطائها لكن إداريا يتبعون مكاتب الخدمات الصحية بالبلديات”.
وعن الوضع الوبائي في ليبيا، فوصفه بالمستقر والهادئ لأسابيع عديدة، والآن من أسبوع في ارتفاع طفيف في أعداد الحالات ولكن ليس بقدر كبير، ولكن الوضع الوبائي ممتاز جدا، ونتوقع أن يكون للتطعيم أثر إيجابي كبير إذا ما وصلنا إلى 500 أو 600 ألف شخص مطعم بلقاحات فيروس كورونا.