أوج – طرابلس
رأى رئيس الأركان العامة بحكومة عبدالرحيم الكيب، يوسف المنقوش، أن الوضع العسكري قبيل العدوان على طرابلس في 4 الطير/أبريل 2019م في المنطقة الغربية، كان فيه شبه استرخاء.
وذكر في مقابلة له مع برنامج “لقاء خاص” على فضائية “التناصح”، تابعتها “أوج”، أن حكومة الوفاق المنتهية ولايتها كانت تعول على مباحثات توحيد المؤسسة العسكرية التي كانت في مصر، ولم تكن هناك توقعات لما سيحدث في طرابلس.
وتابع: “كان الوضع العسكري بصفة عامة يشوبه الاستقرار والاسترخاء بعيداً عن أي توقعات أخرى، وكان الهجوم على طرابلس مفاجأة كبيرة للسلطات الموجودة بما فيها المؤسسة العسكرية”.
وواصل: “وما فاجأ الكل هو سرعة تجاوب الثوار والمنادات الكبيرة التي حدثت واستطعنا أن نوقف هذا العدوان، هكذا كان الوضع في المنطقة الغربية”.
واستدرك: “لكن عكسه تماما في المنطقة الشرقية عند حفتر الذي كان يعد للهجوم على طرابلس منذ فترة طويلة ويقوم بكل الأعمال والاتصالات والاجتماعات السياسية لكسب الوقت لإعداد نفسه للوصول إلى طرابلس وتندرج في ذلك كل اللقاءات التي حدثت سواء في باريس أو باليرمو أو اللقاء الأخير في أبو ظبي”.
وأشار إلى أن حكومة الوفاق آنذاك انخدعت في ذلك ولم تشعر بخطورة الوضع، مضيفاً: “يدخل في ذلك تقدم حفتر وسيطرته على منطقة الهلال النفطي وهي لم تكن كعملية عسكرية على أي حال، إنما كانت عبارة عن تغيير انتماءات وشراء ولاءات وعملية قبلية”.
وأوضح أن قوات الكرامة بعد ذلك تقدمت في الجنوب وانتشرت فيه، مشيراً إلى أن سيطرة حفتر على قاعدة الجفرة كانت جرس الإنذار القوي حول أن هدفه طرابلس.
وأضاف: “هو كان مصمم للتقدم نحو طرابلس لكن كان أمامه طريقين إما أن يصل إليها عن طريق المحور الساحلي، أو عن طريق المحور الجنوبي، والمحور الساحلي كان سيكون صعب باعتبار أنه سيصطدم بعقبات كبرى فأمامه مصراتة وزلطن وغيرها من المدن التي لا يستطيع اختراقها بسهولة”.
واستطرد: “بالتالي هو قرر أن يكون الوصول إلى طرابلس من خلال المحور الجنوبي، فانتشر في الجنوب في الفضاءات الفارغة وسيطر على قاعدة الجفرة بدون أن يكون هناك أي ردة فعل من حكومة الوفاق”.
وأكمل: “عندما وصلنا إلى بيان غريان كانت الحرب العسكرية بدأت، وكان قبلها هناك مؤشرات قوية فبمجرد تحرك حفتر للجنوب ووصل لقاعدة الجفرة كان واضح جداً أنه بعدها طرابلس”.
ولفت إلى أن السلطات والقيادة السياسية في ذلك الوقت، قاصدًا حكومة الوفاق، كان لديها توجه آخر وأن هناك مباحثات وتوحيد للمؤسسة العسكرية واتصالات سياسية ولم يكن هناك استقراء وتقدير صحيح للموقف وكان هناك تهاون، مبيّناً أن ذلك أحد العوامل لوصول حفتر إلى أبواب طرابلس.
واسترسل: “بمجرد الانتهاء من معارك بنغازي ودرنة كان هدف حفتر الوصول إلى طرابلس، فهدفه الوصول إلى حكم ليبيا عن طريق قوة السلاح فهو لا يفهم أي لغة أخرى غيرها بالتالي كل الأمور السياسية التي دخل فيها كانت عمليات لكسب الوقت، لكن العامل الخارجي كان عامل مهم جداً أدى إلى وصول حفتر إلى أبواب طرابلس”.
ونوّه إلى تلقي حفتر دعم من مصر وفرنسا والسعودية والأردن وروسيا لاحقاً وغيرها، معلقاً أن هذه الأمور كانت تدعم في اتجاه الوصول إلى طرابلس، بالإضافة إلى ضعف الجبهة المقابلة من الناحية السياسية، وأسهب: “لم تكن هناك إجراءات جدية من حكومة الوفاق في استقراء الموقف الصحيح واتخاذ إجراءات تعمل على وقف هذا الأمر قبل حدوثه”.
وعن المؤسسة العسكرية في طرابلس والمنطقة الغربية وقت حكومة الوفاق، أجاب بأن القوة الموجودة إلى الآن موجودة عند تشكيلات “الثوار”، زاعماً أن ذلك صمام الأمان.
وأقر بأنه عندما حدث العدوان على طرابلس، القوة التي أنقذتها لم تكن تقودها المؤسسة العسكرية الرسمية حيث أنها لم يكن لديها الإمكانيات والقدرة الكافية لهذا العمل، مكررًا أن ما أنقذ طرابلس هو حرص ما أسماهم “الثوار” من كل المنطقة الغربية الذين تنادوا بسرعة أذهلت “القوات المهاجمة”.
وعن توصيف هذه القوات و”التشكيلات المسلحة” في المنطقة الغربية خارج نطاق المؤسسة العسكرية الرسمية، زعم أنها بمثابة قوة احتياطية لـ”الجيش”، قائلاً: “هذا الاحتياط الاستراتيجي مهم”.
ووجد أن هذه القوات يجب أن تدخل بطريقة رسمية في تشكيلات احتياطية تابعة لرئاسة الأركان وتكون هي الاحتياطي العملي ليتم استخدامه في حالة الضرورة، مقراً بأن هذه القوات هي تشكيلات موجودة بأسلحتها وجاهزة لتقوم بعملها العسكري وأنها نجحت بالفعل في ذلك_على حد قوله
وعاود الحديث عن خطة الهجوم على طرابلس وأنه بعدما تمت السيطرة على قاعدة الجفرة والجنوب بدأ حفتر في الإعداد للهجوم على طرابلس وبدأت في تحريك قواته لتُحشَد في الجفرة للتحرك في اتجاه طرابلس قبل اجتماع أبو ظبي.
واستفاض: “حفتر ومجموعته بنوا مخطط اقتحام طرابلس على 3 عناصر، العنصر الأول هو القوات التي تم حشدها من المنطقة الشرقية في قاعدة الجفرة ومن ثم تم تحريكها بحيث تقتحم طرابلس من الجنوب والجنوب الشرقي والجنوب الغربي”.
وواصل مجدداً: “العنصر المهم الآخر في الخطة هو قطع الطرق من الشرق والغرب حيث كانت توجد قوات محلية تم تشكيلها في مناطق المنطقة الغربية غرب الزاوية في صرمان وصبراتة كانت مهمتها أن تستولي على نقطة كيلو متر 27 لكي تقطع الطريق إلى طرابلس والغرب لمنع أي نجدات تأتي من الزاوية والمنطقة الغربية لطرابلس”.
وروى أنه كانت هناك قوات يجب أن تذهب من ترهونة وتسيطر على منطقة القره بوللي لكي تقطع أي قوات تأتي من اتجاه الشرق من مصراتة والمنطقة الأخرى لنجدة طرابلس.
وأردف: “كان العنصر الثالث في الخطة خلايا نائمة داخل طرابلس تقوم بالحركة بالتزامن وبالسيطرة على النقاط والأهداف الاستراتيجية في المدينة، وبمجرد أن بدأ الهجوم هناك عنصرين من العناصر الثلاثة فشلا، حيث فشل الهجوم على منطقة الكيلو متر 27 وتلقت خطة حفتر ضربة قوية جداً”.
وسرد: “أيضاً القوات التي ستذهب من ترهونة إلى القره بوللي لم تقم بمهمتها، وأيضاً الحملات الأمنية التي تم تنفيذها داخل مدينة طرابلس تم القبض من خلالها على عدد كبير من الخلايا النائمة مما أفشل العنصر الثالث”.
وأضاف مجدداً: “ليصبح العنصر الرئيسي وهو القوات الرئيسية للهجوم والتي كان يفترض أنها خلال 72 ساعة تكون قد سيطرت على طرابلس لكن لم تستطيع القيام بمهامها”، مؤكدًا أنه مع نهاية الأسبوع الأول للهجوم من الناحية الاستراتيجية فشل الهجوم على طرابلس.
وقال: “بالنظر لتركيبة القوات التي هاجمت طرابلس سنجد أن هناك تسميات لوحدات وكتائب عسكرية مثل اللواء 73 واللواء 106 وغيرها، لكن صلب هذه التنظيمات نجد أنها عبارة عن مسميات عسكرية ولكنها في الحقيقة هي مليشيات تعتمد على مليشيات قبلية ومليشيات مؤدلجة بالذات فيما يسمى التيار المدخلي”.
واسترسل مُجددًا: “القوات المحسوبة على الهجوم على طرابلس نتكلم عن اللواء السابع أو التاسع هذا عبارة عن مليشيات من ترهونة، فالتسميات تسميات وحدات عسكرية لكن المضمون والمحتوى هو محتوى مليشياوي، مليشيات أخذت الهيئة العسكرية لا أكثر ولا أقل”.
وبيّن أن هناك أسباب عديدة لفشل خليفة حفتر الذي كانت حساباته تعتمد على الحساب المادي الصرف للقوة، مستطرداً: “حفتر في كل معاركة فشل في تقدير قوة الخصم، حيث هناك عامل مهم يحددها وهو العامل المعنوي أي الإيمان بالقضية”.
وأخبر بأن القوات المضادة لحفتر رغم أن تسليحهم وعددهم أقل لكن كان المعنويات والإيمان بالقضية مرتفع وهذا السبب الرئيسي الذي أدى إلى هزيمة حفتر_ حسب زعمه
وتطرق إلى ما يتردد عن أن الذي شارك في تحقيق الانتصار هو “الحليف التركي”، مضيفاً: “الإجابة على هذا، متى تدخل الحليف التركي؟ وبعد كام شهر من القتال؟”.
وأورد أن الأتراك تدخلوا بعد سبعة أشهر من القتال، متسائلاً: “من استطاع أن يوقف قوات حفتر ويمنعها من الدخول إلى طرابلس؟ إذن هذا الانتصار قيمته عظيمة جداً”.
واستفاض: “قوات خليفة حفتر بالوثائق التي تركوها في غرفة عملياتهم في غريان التي هربوا منها وتركوها بكل ما فيها، من وقت هجوم حفتر حتى تحرير غريان في شهر يونيو كانت نسبة الخسائر البشرية في صفوف قواته تصل إلى 40% ما بين قتيل وأسير وجريح”.
واستكمل مجدداً: “لذلك لاحظنا في الفترة الأخيرة أن حفتر لم يكن لديه قوة من الليبيين وكان يستجلب في المرتزقة من جميع أنحاء الأرض وبالتالي انتصار قوات بركان الغضب له قيمة كبيرة جدًا لا تقل عن قيمة انتصار البنيان المرصوص على داعش”.
ووصف الكيفية التي استطاعت أن تنظم بها قوات عملية بركان الغضب نفسها بأنها اللغز الذي لم يستطع تقديره حفتر وداعميه الذين كانت إحدى ركائز نجاح خطتهم أن القوات الموجودة في المنطقة الغربية قوات مشتتة ومتفرقة ومتناحرة.
واستدرك: “لكن عندما جد الجد وجدنا هذه القوات المتناحرة أصبحت على قلب رجل واحد وهذا يرجع إلى أن الكل كان مؤمن بـ17 فبراير وبالحرية والدولة المدنية وبالتالي دافعوا عن مبدأهم وعلى ما يعتقدوه وهذا ما لم يستطيع أن يقدره خليفة حفتر ولا داعميه وأهم نقطة في انتصارات كل المعارك، وحتى في فجر ليبيا وتقاتلهم مع بعضهم، عندما جد الجد أصبحوا في خندق واحد وتبة واحدة”.