الجارح: الفصائل المسلحة هددت بحمل السلاح إذا أجريت انتخابات رئاسية مباشرة خوفًا من فوز مرشح أنصار النظام السابق

أوج – القاهرة
حذر الباحث والمحلل السياسي الليبي، محمد الجارح، من ترسيخ القوات الأجنبية والمرتزقة على المدى الطويل للمزيد من التشرذم والعودة إلى الصراع في ليبيا، بسبب وجود تحديات كبيرة يمكن أن تمنع إجراء الانتخابات وتعرقل إعادة التوحيد السياسي والمؤسسي.
وذكر الجارح في مقال نشره موقع “المونيتور” الأمريكي، طالعته وترجمته “أوج”، أن الخلافات بين أصحاب المصلحة السياسيين والمؤسسات الرئيسية لا تزال قائمة وتشكل تهديدًا كبيرا للعملية، رغم تحديد المفوضية العليا للانتخابات يوم 1 ناصر/يوليو كموعد نهائي للوفاء بجميع المتطلبات الدستورية والقانونية للانتخابات المقرر إجراؤها في الكانون/ديسمبر.
وأشار إلى أن المجلس الأعلى للإخوان المسلمين “الدولة الاستشاري”، حدد موقفه بشأن الأساس الدستوري للانتخابات من خلال الدفع لصالح الاستفتاء على مشروع الدستور الذي وافقت عليه لجنة صياغة الدستور في ناصر/يوليو 2017م، بما يتماشى مع نتائج مؤتمر الغردقة في 19 آي النار/يناير، وفي حال تعذر ذلك، اقترح المجلس اعتماد مشروع الدستور الخاص بلجنة صياغة الدستور كأساس لانتخابات جديدة.
ورأى أن هذا الموقف يعكس وجهة نظر ومصالح الجماعات الإسلامية السياسية التي تشكل الفصيل المهيمن داخل المجلس، منوها بأن مجلس النواب، على عكس “الدولة”، لم يصدق على نتائج الغردقة، حيث كان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح يتراجع عنها علنًا، بحسب التقرير.
وأشار إلى أنه في 5 الماء/مايو، أبلغ صالح، مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، يان كوبيش، أن مجلس النواب مستعد لتبني قرار ملتقى الحوار السياسي الليبي بشأن أساس دستوري مؤقت للانتخابات.
وأوضح أن اللجنة القانونية للمنتدى اختتمت عملها بالفعل بشأن هذه القضية، وقدم كوبيش المسودة النهائية إلى صالح، خلال اجتماعهم في 4 الماء/مايو، فيما أبلغ صالح كوبيش، أنه في حالة فشل المنتدى في التوصل إلى نتيجة، سيمضي قدمًا في إجراء الانتخابات الرئاسية مباشرة من الشعب.
وتطرق إلى ملتقى الحوار، موضحا أنه يعاني من انقسامات داخلية عميقة حول إجراء انتخابات رئاسية مباشرة من قبل الشعب أو انتخابات غير مباشرة من قبل أعضاء مجلس النواب.
ولفت إلى وجود دعم واسع النطاق لإجراء انتخابات رئاسية مباشرة، ورغم ذلك أعربت الفصائل الإسلامية السياسية عن معارضتها للانتخابات الرئاسية المباشرة خشية أن يصب التصويت الشعبي في صالح مرشح مدعوم من أنصار النظام السابق، فيما هدد بعض أعضاء الفصائل بحمل السلاح إذا أجريت انتخابات رئاسية مباشرة.
ورأى في ظل هذا السياق المنقسم، أن قوى الوضع الراهن وهي مجلس النواب ومجلس الدولة وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، ستستفيد من توقف العملية السياسية من أجل التمسك بمقاعدها والاستمرار في الوصول إلى خزائن الدولة.
ولفت إلى أن حفتر أعلن عن دعمه لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مباشرة، مرجحا أن يخوض أو يقدم مرشحا لهذه الانتخابات، مستدركا بأن دعم حفتر الواضح لإجراء الانتخابات لا يمكن أن يكون سوى مناورة تكتيكية لتبرير العودة إلى الوسائل العسكرية إذا فشلت فصائل الوضع الراهن في الوفاء بالتزامها بإجراء الانتخابات في الكانون/ديسمبر.
ورأى أن الاختلافات بين مواقف مجلسي النواب والدولة في انتخابات 24 الكانون/ديسمبر، هي علامة واضحة على أن قيادة كلا المؤسستين قد تخوضان جولة أخرى من المفاوضات قد تستمر لعدة أشهر، مما يقضي على أي آمال في عقد الانتخابات هذا العام.
وبخلاف التحديات الدستورية والقانونية، لفت التقرير إلى أن انتخابات 24 الكانون/ديسمبر تواجه تحديات تشغيلية هائلة تتعلق بالبيئة السياسية والأمنية للانتخابات، موضحا “مع انتشار الانقسامات السياسية، أصبح المسار العسكري راكداً وهناك مؤشرات قليلة على أن المرتزقة والقوات الأجنبية ستغادر ليبيا في أي وقت قريب”.
وتطرق إلى المصالحة الوطنية اللازمة لرأب الانقسامات السياسية والاجتماعية التي ظهرت بعد سنوات من الصراع في ليبيا، مؤكدا أنها متراجعة، ما يمثل تحديا آخر أمام الانتخابات، سواء للمرشحين والناخبين على حد سواء، حيث لا يزال مئات الآلاف نازحين داخليًا وخارجيًا، ولا تزال التوترات بين المناطق والمدن بسبب النزاعات السابقة سائدة.