اعتبر الكاتب والباحث السياسي محمد الجارح، أن الاشتباكات المسلحة التي وقعت في مدينة الزاوية الأيام الماضية تأتي في إطار صعود نجم الزاوية كقوة وعسكرية بحكم الأطراف التي تمثل المدينة سواء سياسيا أو عسكريا وكيف أنها سيكون لها نفوذ في هذه المرحلة.
وقال، في مقابلة بالفيديو لبرنامج “البلاد” عبر فضائية “218”، تابعتها “أوج”: “ما رأيناه اليوم هو صراع من أجل النفوذ بين شخصيات وأطراف سياسية معينة تستخدم المجموعات المسلحة كأدوات للسيطرة على مؤسسات الدولة لما في ذلك من فوائد تعود عليهم سياسية أو ماديا، وكيف أن هذه الشخصيات متصلة ببعضها ولها مصالح أحيانا تتضارب”.
وأشار إلى أن مصلحة محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، أصبحت الآن من مصلحة وزير النفط محمد عون، في ظل الحرب الدائرة للتخلص من رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله وما يمثله، لافتا إلى وجود محاولات حثيثة في هذا الاتجاه.
وأكد أن ما يحدث هو تزاوج بين الفساد والمال والصراع من أجل السلطة وهو ما يجب أن ينتبه له الليبييون مؤكدا أنه يمثل صلب الموضوع.
وشدد على أن هذه القوى تمثل تيارات سياسية تتحالف مع مجرمين ومليشيات تحاول فيما بينها السيطرة على قوت الليبيين الذين يعانون من كورونا وأزمة الكهرباء وإهدار الأموال يمينا ويسارا، ما أثار تساؤلات الليبيين عن المليارات التي ظهرت من خلال تقرير ديوان المحاسبة.
ولفت إلى أن النظر إلى أسماء المجموعات المسلحة التي تتقاتل في الزاوية تحمل الإجابة عن التساؤل عن مصير أموال الليبيين الذين يتصارعون ويقتتلون بأموالهم بدلا من إنفاقها في التنمية وعلاج أزمات الكهرباء والتعليم وعلاج كورونا.
وأكد أن ما حدث هو حلقة من حلقات الصراع والسيطرة على الأموال والسلطة ينخرط فيه مسؤولون موجودون في صدارة المشهد اليوم.
ونوه بأن موقفه كان سلبيا منذ البداية بشأن قائمة المنفي والدبيبة التي حازت السلطة التنفيذية، فيما أثبتت تجربة الـ5 أشهر الماضية أن توقعاته السلبية كانت في محلها، حيث تسير السلطة في اتجاه فساد ومعاناة أكبر، قد ينتهي تدريجيا إلى حرب قادمة في ليبيا، بحسب قوله.
وأكد أن بوادر الحرب موجودة في ليبيا، إضافة إلى وجود تآمر على إرادة الليبيين في اختيار من يمثلهم سواء في السلطة التشريعية أو الرئاسة من خلال الانتخابات المنتظر إجراؤها يوم 24 الكانون/ديسمبر، وذلك من قبل أعضاء مجلس نواب فاسدين تلقوا الرشاوى من أموال الليبيين، ومن قبل شخصيات بملتقى الحوار السياسي ومجلس الدولة.
وشدد على أن وصول رئيس حكومة الوحدة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة للسلطة كان مؤشرا وخبرا سارا لكل فاسد ومجرم في ليبيا لأنه هو ومن يمثله والتيار الذي أتى به هم بؤرة الفساد.
وأكد أن الدبيبة يدفع من أموال الليبيين لممثله في واشنطن محمد الضراط للتآمر ضد الانتخابات، مشيرا إلى أن جهودهم أتت بنتيجة تمثلت في المقترحات الأمريكية الأخيرة التي وصفها بـ”الكارثية الهزيلة” بادعاء أنها تساهم في حل الأزمة اليبية.
وهاجم مركز الحوار الإنساني، مشيرا إلى أنه اعتاد على التعامل بسرية كاملة ومن تحت الطاولة من خلال اجتماعات متفرقة في عدة مدن كطرابلس وبنغازي والقاهرة وتركيا بهدف الحصول على الشرعية ومن ثم يتم تقديم طبخة سياسية معينة لمن يتم دعوتهم وادعاء أنها تمثل إرادة الليبيين.
ولفت إلى أن اجتماعات المركز في لوزان وجنيف شهدت دعوة علي الدبيبة، قائلا إنه متهم في عمليات غسسيل أموال بالمليارات في أسكتلندا وحدها دارت بشأنها تحقيقات استمرت 6 سنوات ووصفته الصحافة بأنها أكبر عملية غسيل في تاريخ أسكتلندا تجاوزت 5 ملايين دولار، بخلاف عمليات أخرى في كندا وتركيا وإفريقيا ودول بالشرق الأوسط وأوروبا.
وتوقع أن يكون هناك حوار قريب لمركز الحوار الإنساني يشهده شخصيات ليبية بادعاء إنقاذ خارطة الطريق، مؤكدا أن قدوم مركز الحوار إلى ليبيا في هذا التوقيت هو خبر سيئ لفكرة الانتخابات، محذرا الليبيين من الدور المشبوه الذي يلعبه المركز، بحسب تعبيره.
وأشار إلى أن أهم ممولي مركز الحوار هم بريطانيا والولايات المتحدة وهما داعمتان لاجتماع جنيف في منتصف سبتمبر المقبل للتآمر على الانتخابات، منوها بأن لديه معلومات عن بعض حضور الاجتماع ومنهم أعضاء بالبرلمان وبعض أعضاء ملتقى الحوار وبعض ممثلي جمعيات المجتمع المدني من منطلق أن هؤلاء يمثلون المجتمع الليبي، والهدف هو الالتفاف على الانتخابات وادعاء أن هذا ما يريده الليبييون.
وأكد أن التآمر على انتخاب رئيس لليبيا مستمر منذ 2011م، مشيرا إلى أنه يجب على اليبيين أن يشكّوا في مركز الحوار وأن يطلبوا محاسبة موظفيه والشخصيات التي تشارك فيه.
وأشار إلى أنه وجه لموظفي المركز أسئلة إلا أنه ووجه بالاستهزاء من قبل بعضهم.
وعن الادعاء بأن التخوف من انتخاب رئيس لليبيا سببه التجربة التونسية وما قام به الرئيس قيس سعيد، أشار إلى أن ليبيا لم تنتخب رئيسا من قبل ومن ثم ليس لها تجربة تحكم من خلالها، بينما لها تجربة مع انتخاب برلمان ونتائجها كانت كارثية وهي التي تستحق التخوف بشأن تكرارها.
وهاجم كلا من الرئيس السابق للمجلس الأعلى للإخوان المسلمين “الدولة الاستشاري”، عبد الرحمن السويحلي، والقيادي في حزب العدالة والبناء، وعضو لجنة الحوار، عبدالرزاق العرادي، معتبرا أنهما يتآمران على فكرة انتخاب رئيس من الشعب مباشرة مستخدمين محموعة من الحجج الواهية.
وأكد أن الكارثة بالأساس أن ليبيا لم تنتخب رئيسا يمثل إرادة شعبها، وأن الأجسام الأخرى مثلت مصالح أعضائها وتقاسمت الغنائم بينها دون أن تمثل مصالح الشعب.
وقال إن عقيلة صالح، وخالد المشري، وعبد الحميد الدبيبة، والصديق الكبير، كل منهم يمثل مصالح مجموعات معينة، وجميعهم يتآمرون على الليبيين حتى لا يكون لهم رئيس يمثلهم.
ولفت إلى أن ما ظهر من المقترح الأمريكي بشأن الانتخابات في ليبيا يشير إلى أن الأمريكان وقعوا في فخ المحافظة على رغبة مجموعة محدودة من الليبيين وإرضائها حيث تمتلك تلك المجموعة المال والصوت العالي، ومن ثم يتم التآمر لتأجيل الانتخابات لشهر الفاتح/سبتمبر 2022م.
وأشار إلى أن ما هو مطروح يشبه ما حدث في عام 2014م، حين تم الحديث وقتها عن انتخاب برلمان يحدد هو مسار انتخاب الرئيس حين تسمح الظروف وهو الأمر الذي لم يحدث منذ ذلك الوقت، ومن ثم استمر عقيلة صالح يدعي أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة.
ونوه بأن الموقف الفرنسي يعارض المقترح الأمريكي ويتمسك بحق الليبيين في إجراء انتخابات رئاسية وفقا لخارطة الطريق وقرارات مجلس الأمن، مؤكدا أن الإخلال بأي بند في خارطة الطريق هو إخلال بالخارطة ككل ويفتح الباب لعدم الالتزام بأي اتفاقات أخرى، ويفرض الخضوع لمن يستطيع فرض الأمر الواقع.
وذكر أن بعض اللقاءات التي تمت الفترة السابقة في القاهرة برعاية مصرية وضمت شخصيات مثل عقيلة صالح وفتحي باشاغا وشخصيات من النظام الجماهيري وبعض ممثلي قوات الكرامة أكدت على ضرورة إجراء الانتخابات، وأنه في حال عدم إجرائها لا يتم السماح للدبيبة بالاستمرار.
ولفت إلى أن بعض التقارير تشير إلى توافق بين خليفة حفتر والدبيبة لتأجيل الانتخابات وتقاسم السلطة في إطار محاولة الكرامة اللعب على كلا الموقفين.
وعن استحداث وحدة عسكرية برأس جدير بإمرة صلاح النمروش، قال إن النمروش هو الفتى المدلل لتركيا وحاولت البحث له عن دور كما حاولت توصيله لمنصب وزير الدفاع لكنها فشلت في ذلك، ومن ثم عملت على فرضه من خلال الوحدة العسكرية الجديدة.
ولفت إلى أن الاجتماع الأخير بين رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي والدبيبة، يكشف أنهما يشعران بالخطر وأنهما يحاولان العمل معا لمواجهة تآكل الشرعية الذي أصبح يهددهما في ظل الفشل الكبير الذي وصلت إليه السلطة.
ورأى أن المنفي والدبيبة سيحاولان الارتماء في أحضان تركيا الفترة القادمة، معتبرا أن هذا أمر خطير ويعني أنهما سيجددان الاتفاق التركي لحمايتهم وضمان استمرارهم في السلطة.