أوج – بنغازي
كشف السفير الليبي الأسبق لدى الأردن محمد البرغثي أهمية القضية الفلسطينية التي كانت موضوعا رئيسيا في المناهج التعليمية الليبية، مستذكرا رعاية القائد الشهيد معمر القذافي واستقباله لوفد من فلسطينيي 48 في عام 2010م للاستماع إلى معاناتهم وعرضها على العالم أجمع.
وأوضح البرغثي، في تدوينة مطولة عبر حسابه على “فيسبوك”، رصدتها “أوج”، أنه عندما أصبح سفيرا لدى الأردن عام 2007م، أتيحت له الفرصة للتواصل مع فلسطين، قائلا: “هنا وجدتُ نفسي قريباً من أهل الدار، بل أصبحتُ من أهل الدار، وأفطرنا معاً زيتاً وزعتراً وسياسة”.
وأضاف: “كلفني العقيد معمر القذافي بالملف الفلسطيني، وكانت إدارته تحت إشرافه بشكل مباشر، فتحتُ خطوط تواصلي مع الجميع، واستقبل بيت السفير الليبي في عمان معظم ألوان الطيف السياسي والاجتماعي الفلسطيني، واستمعتُ إلى كل الآراء، وأُجريت حوارات معمقة، متابعا: “غدت أساساً لعلاقات طيبة ومتينة مع كل الأطراف، الأمر الذى جعل هذا البيت يلعب دوراً في تقريب وجهات النظر بين بعض الأطراف الفلسطينية”.
وواصل: “سألتُ العقيد القذافي يوماً: العمل فى هذه المنطقة له طبيعة خاصة والملفات التى أُوكلت ليّ بالغة الأهمية، أود أن استمع إلى توجيهاتك، فأجاب: أعرف جيداً، أنك تعرف جيداً، أين تضع رجليك”، مستطردا: “استقبلتُ في بيتي العديد من الشخصيات السياسية والاجتماعية التي تمثل فلسطينيي 48، واستمعتُ إليهم باهتمام كبير”.
وأكمل: “كنتُ حريصاً على الإحاطة والإلمام بهذا الركن الوطني المنسي عربياً، لقد عبروا عن رغبتهم في زيارة ليبيا ولقاء العقيد معمر القذاقي، وتأكد ليّ أن المصلحة القومية تستدعي أن نبادر ونكسر هذا الحصار، ونقيم الصلات ونجري الحوارات مع أهلنا خلف الخط الأخضر في فلسطين”.
وذكر: “ذهبتُ للقاء العقيد القذافي، قدمتُ له ملفاً كاملاً عن فلسطينيي 48، حرص أن يسمع مني، وضعته فى صورة اللقاءات التي أجريت، كان يستمع بتركيز، اقترحتُ أن توجه الدعوة لوفد كبير يضم القيادات السياسية والزعامات الروحية وأبرز الشخصيات الثقافية والفاعليات الاجتماعية ورؤساء تحرير الصحف، ووضعت أمامه قائمة تضم 39 شخصية، واستعرض الأسماء وقرأ البيانات المرفقة، توقف عند بعض الأسماء وطرح تساؤلات”.
وبيّن: “كان حريصاً أن يسمع أكثر، أعتقد أنه فوجئ بالخطوة، أراد أن يسمع ويفكر فى نفس الوقت، قلت له: الزيارة خطوةٌ غير مسبوقة، حيث ستتاح الفرصة لأهلنا فى فلسطين لأول مرة للقاء قائد عربي ورئيس للقمة العربية، كما أنها فرصة مواتية لمخاطبة الرأي العام العالمي واليهودي لشرح رؤيتنا لهذا الصراع مع الحركة الصهيونية التي استخدمت الديانة اليهودية كأداة لاحتلال فلسطين وتهجير أهلها”.
ورأى أن استقبال الوفد بمثابة تقدير لموقف العرب الفلسطينيين الذين تمسكوا بأرضهم ودافعوا عنها وحافظوا على هويتهم القومية، وتعرضوا للظلم والتشكيك، مضيفا: “وافق العقيد معمر القذافي على زيارة الوفد، وسألني: كيف ستتم عملية الدخول؟ وهم يحملون جوازات سفر إسرائيلية، فأجبته: هؤلاء جاءوا لتلبية دعواتك المتكررة لإلغاء جوازات السفر بين البلاد العربية، سيأتون من فلسطين عبر الأردن بدون جوازات سفر، فضحك وقال: هذا أول وفد يأتي من فلسطين بدون جوازات سفر، هذه خطوة وحدوية”.
وتابع: “السبت 24 أبريل 2010م، انطلقت الطائرة الخاصة التي تقل الوفد الفلسطيني من مطار عمان إلى مطار معيتيقة بطرابلس، والأحد، انتقل الوفد بطائرة خاصة إلى مدينة سرت للقاء العقيد معمر القذافي، كان الاستقبال في سرت كبيراً والحفاوة بالغة”، مستكملا: “بعد استراحة قصيرة، انتقل الوفد في رحلة عبر الصحراء إلى منطقة العتعت، وهناك في خيمة العقيد القذافي كان اللقاء، واستقبلهم العقيد بحفاوة كبيرة، دخل الخيمة بعد وصولهم وصافحهم فرداً فرداً، وتحدث مع كل واحد منهم”.
واسترسل: “جلس الجميع داخل الخيمة، تحدث عددٌ كبير من أعضاء الوفد، وحرص العقيد أن يُتابع ويستمع بتركيز، تحدث الدكتور أحمد الطيبي، رئيس كتلة القائمة الموحدة والعربية للتغيير، قائلاً: من الجليل الأشم، من الناصرة الأبية، من عكا وحيفا ويافا واللد والرملة، من أم الفحم الصامدة، من طيون وادي عارة، من الطيبة الحبيبة الشامخة، من النقب المرابط، جئناك هنا إلى سرت بلد النصر والتحدي، التى تقع في قلب الوطن العربي”.
وقال: “توجه الدكتور أحمد الطيبي بخطابه إلى العقيد القذافي قائلاً: لقد ظلمنا على مدى عقود من عالمنا العربي الذي قسى علينا، ثم تعرف العالم على نضالاتنا وتفاصيل حياتنا، معاركنا وصمودنا أمام التهجير والتهميش والعنصرية والتمييز ولإقصاء والإلغاء، نحن نناشدك من هنا وعبرك نناشد زعماء الأمة العربية من ملوك ورؤساء بأن يلتفتوا لاحتياجات هذا الجزء الحي من الأمة”.
وأردف: “في ختام كلمات أعضاء الوفد تحدث العقيد القذافي قائلا: رغبتُ من خلال هذا اللقاء أن يسمع العالم صوتكم، نحن نتألم كما تتألمون من الحاجز الذى يفصل بين الأمة الواحدة منذ عقود، ليس أمام أناس مثلنا إلا الكفاح والتغلب على الحواجز التي بيننا وبينكم وعلى عزل بعضنا عن بعض عنوة، لابد أن يسمع العالم صوتكم الذى اسمعتموه اليوم أمامي في ليبيا، هناك من يستغرب وجود عرب 48 في ليبيا، لكن مبادرتنا الشجاعة من الطرفين جاءت لتبين للعالم ما يعانيه عرب 48”.
واستطرد البرغثي: “أضاف العقيد القذافي قائلاً: لا يوجد عداوة بين اليهود والعرب، بل العداوة مع الصهيونية، العرب دائماً كانت علاقاتهم طيبة مع اليهود، وهم أقرب كثيراً لليهود من أمريكا وأوروبا”، موضحا: “وفي ختام اللقاء أقام العقيد القذافي مائدة غداء على شرف الوفد الفلسطيني، تخللها حوار صريح بين العقيد القذافي وأعضاء الوفد الفلسطيني”.